وأما العطف على (المتقين) فإنما يصح على تقدير الوصل فقط، والأول أرجح؛ إذ لا معنى لإخراجهم عن (المتقين) مع اتصافهم بالتقوى إلا أن يحمل على المشارفين، فيتعين العطف عليه؛ لبعد الحمل على المشارفة في المعطوف، وإذا اتحد الموصولان بحسب الذات فإن جعل الموصول الأول استئنافا وجب عطف الثاني عليه، وإن جعل صفة أو مدحا كان العطف أولى؛ لأن الكشف قد تم بالمعطوف (١) عليه، فتأمل (٢). انتهى.
قوله: (ووسط العاطف) إلى آخره
قال الشيخ سعد الدين: أورد أمثلة للإشارة إلى أن ذلك يجري في الصفات والأسماء باعتبار تغاير المفهومات، ويكون بالواو والفاء باعتبار تعاقب الانتقال (٣)
قوله: (كما وسط في قوله:
إلَى المَلِكِ القَرْمِ وَابنِ الهُمَامِ. . . وَلَيْثِ الكَتِيْبَةِ فِي المُزْدَحِمِ) (٤).
القرم الفحل المكرم الذي لا يحمل عليه، ثم سمي به السيد. والهمام من أسماء الملوك؛ لعظم همتهم، أو لأنهم إذا هموا بأمر فعلوه. والكتيبة الجيش.
والمزدحم مكان الازدحام، وهو وقوع القوم بعضهم على بعض.
وقوله: (يا لَهْفَ زَيابة لِلحَارِثِ الـ. . . صَّابَحِ فالغانِمِ فالآيِب)
قال الخطيب التبريزي في " شرح الحماسة ":
قال الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان:
أيا ابنَ زَيَّابَةَ إِنْ تَلْقَنِيْ. . . لا تَلْقَنِيْ فِي النَّعَمِ العَازِبِ
وتَلْقَنِيْ يَشْتَدُّ بِي أَجْرَدٌ. . . مُسْتَقْدِمُ البِرْكَةِ (٥) كالرَّاكِبِ
فأجابه ابن زيابة - واسمه سلمة بن ذهل، وزيابة اسم أمه -:
يا لَهْفَ زَيابة لِلحَارِثِ الـ. . . صَّابَحِ فالغانِمِ فالآيِب
واللهِ لو لاقَيْتُهُ خالياً. . . لآبَ سَيْفَانَا مَعَ الغالِبِ
أنا ابنُ زيابة إِنْ تَدْعُنِيْ. . . آتِكَ والظنُّ على الكاذِبِ