للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمعيدي، وذلك لأن الفعل يدل على المصدر والزمان، فجرد في بعض المواضع لأحد مدلوليه. انتهى.

وقد ضمن بعض الأدباء هذا المثل في بيت، فقال:

لَعَمْرُ أَبِيْكَ تَسْمَعُ بِالمُعَيْدِّيَّ. . . بَعِيْدِ الدَّارِ خَيْرٌ أَنْ تَرَاْهُ (١).

قوله: (وإنما عدل هاهنا عن المصدر إلى الفعل، لما فيه من إيهام التجدد)

مأخوذ من كلام الإمام فخر الدين حيث قال: فائدة العدول إفادة أن هذه الحالة إنما حصلت في هذا الوقت، وذلك يفيد حصول اليأس، وقطع الرجاء منهم الذي هو مقصود الآية، والمصدر لا يفيد ذلك (٢).

قوله: (وحسن دخول الهمزة وأم عليه لتقرير معنى الاستواء وتأكيده، فإنهما جردتا عن معنى الاستفهام لمجرد الاستواء) إلى آخره.

قال ابن يعيش: قد أجرت العرب أشياء اختصوها على طريقة

النداء؛ لاشتراكهما في الاختصاص، فاستعير لفظ أحدهما للآخر، من حيث شاركه في الاختصاص، كما أجروا التسوية مجرى الاستفهام إذ كانت التسوية موجودة في الاستفهام، فكما جاءت التسوية بلفظ الاستفهام لاشتراكهما في معنى التسوية كذلك جاء الاختصاص بلفظ النداء لاشتراكهما في معنى الاختصاص وإن لم يكن منادى.

والذي يدل أنه غير منادى أنه لا يجوز دخول حرف النداء عليه، لا تقول: أنا أفعل كذا يا أيها الرجل، إذا عنيت نفسك، ولا نحن نفعل كذا يا أيتها العصابة (٣). انتهى.

قلت: ومن هاهنا تعلم أن قول المصنف: (كما جردت حروف النداء عن

الطلب لمجرد التخصيص في قولهم: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة) غير مطابق؛ لأن باب الاختصاص لم تجرد فيه حروف النداء، بل لا وجود لحروف النداء فيه أصلا، وإنما الأسماء فيه شابهت المنادى، وهي التي جردت.

وقد تؤل العبارة على أنه أراد بالحروف الكلمات الجارية في الاختصاص،

<<  <  ج: ص:  >  >>