حيث قابل لفظ " منهم " بما هو مبتدأ، أعني لفظة " بعضهم "
قال: وقد يقع الظرف موقع المبتدإ بتقدير الموصوف، كقوله تعالى (وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ)[سورة الجن ١٢](وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ)[سورة الصافات ١٦٥] فالقوم قدروا الموصوف في الظرف الثاني، وجعلوه مبتدأ، والظرف الأول خبرا، وعكسه أولى بحسب المعنى.
أي جمع منا دون ذلك، وما منا أحد إلا له مقام معلوم، لكن وقوع الاستعمال على " أنَّ من الناس رجالا كذا وكذا " دون " رجال " يشهد لهم (٣).
وقال الطيبي: قد منع بعضهم أن يكون اللام للعهد، و " من " موصولة، وقال: بل اللام للجنس، و " من " موصوفة، فإن المراد بالذين كفروا الذين محضوا الكفر ظاهرا وباطنا، وبينهم وبين المنافقين تناف، فلم يكونوا نوعا تحت ذلك الجنس.
وكيف وقد حكم على أولئك بالختم على القلوب وغيره، فعلم كفرهم الأصلي، وعلى هؤلاء بقوله (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) وأشار إلى تمكنهم من الهدى وتنور فطرتهم.
قال الطيبي: وأقول: إن التقصي عن هذا المقام لا يستتب إلا ببيان كيفية نظم الآيات، فإنه مَحَكُّ البلاغة، ومنتقد البصيرة، ومضمار النُّظَّار، ومتفاضل الأنظار، ولا يهتدي إليه من ديدنه المجادلة، ودأبه المماراة، ولم يتكلم عن مقتضى الحال، ولم يعين لكل مقام مقالا، وليس كل ما يصح تقديره بحسب اللغة، أو النحو يعتبر عند علماء هذا الفن، فإن ذلك قد يعد من النعيق في بعض المقامات.
ألا ترى إلى صاحب " الكشاف " في سورة طه في قوله (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي