التَّابُوتِ) [سورة طه ٣٩] كيف بالغ فيه، حيث قال:" حتى لا تفرق الضمائر، فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن، والقانون الذي وقع عليه التحدي، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر "(١).
وفي سورة الحاقة في قوله (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ)[سورة الحاقة ٥، ٦]
كيف ذهب إلى المعنى بقوله (بالطاغية)
بالواقعة المجاوزة للحد في الشدة، ليطابق قوله (صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) وعدل عن حمله على المصدر، وأنه الظاهر؛ لأن الطاغية كالعافية، أي بطغيانهم (٢)؛ لأن الواجب رعاية حسن النظم بين آي التنزيل.
وكم له أمثال ذلك، فالواجب على من يخوض في هذا الكتاب أن يستوعب معرفة جميع المقامات، وجميع خواص التركيب، لينزل كلا في مقامه.
إذا علم هذا فنقول: إذا كان النظم هو ما ذكر افتتح سبحانه وتعالى بذكر الذين أخلصوا دينهم لله تعالى، ثم ثنى بذكر الذين محضوا الكفر ظاهرا وباطنا، وثلث بالذين آمنوا بأفواههم، ولم تؤمن قلوبهم، فالواجب حمل التعريف في الأقسام الثلاثة إما على الجنس بأسرها، وإما العهد برمتها.
وإذا حمل على الجنس فلا يجوز أن يقال: مَن في (مَن يقول) موصولة، كما قال أبو البقاء: هذه الآيات استوعبت أقسام الناس، فالآيات الأوَّلُ تضمنت ذكر المخلصين في الإيمان، وقوله (إن الذين كفروا) تضمن من أبطن الكفر وأظهره، وهذه الآية تضمنت ذكر من أظهر الإيمان، وأبطن الكفر، و " مِن " للتبعيض، و " مَنْ " نكرة موصوفة، ويضعف أن تكون بفعنى الذي؛ لأن " الذي " يتناول قوما بأعيانهم، والمعنى هاهنا على الإبهام (٣). تم كلامه.
فإن قلت: آثرت الموصوفة على الموصولة، وهي أيضاً محتملة للجنس، فيلزم الإبهام أيضاً كما في قوله (الذين كفروا).
قلت: الموصوفة نص في الشياع، بخلاف الموصولة، لاحتمال الأمرين فيها.
بقي أن يقال: فما معنى قوله: من يقول من الناس، وأي فائدة فيه؟