ألا ترى قولهم (إنما نحن مصلحون) وقولهم (أنؤمن كما آمن السفهاء) وقولهم عند لقاء المؤمنين (آمنا) كذب محض، فناسب جعل ذلك جملا مستقلة، ذكرت لإظهار كذبهم ونفاقهم، ونسبة السفه للمؤمنين واستهزائهم، فكثر بهذه الجمل واستقلالها ذمهم، والرد عليهم.
وهذا أولى من جعلها سيقت " صلة جزء كلام؛ لأنها إذ ذاك لا تكون مقصودة لذاتها، إنما جيء بها معرفة للموصول إن كان اسما، ومتممة لمعناه إن كان حرفا (١).
قوله:(وما روي عن سلمان أن أهل هذه الآية لم يأتوا بعد)
أخرجه ابن جرير من طرق عنه (٢).
قوله:(فلعله أراد به أن أهله ليس الذين كانوا فقط، بل وسيكون من بعد من حاله حالهم)
هو جواب ابن جرير، ولفظه: لعله قال ذلك بعد فناء الذين كانوا بهذه الصفة على عهده صلّى الله عليه وسلّم خبرا منه عمن هو جاء منهم بعدهم، ولما يجئ (٣).
قوله:(وكان من فسادهم في الأرض)
قال التفتازاني، والشريف: أي من الفساد الناشئ من جهتهم، لا فسادهم في أنفسهم.
والأولى أن يقول: إفسادهم؛ لأن الممالأة ونحوها إفساد، لا فساد (٤).
قوله:(هيج الحروب)
يقال: هاج الشيء هيجا وهيجاناً، أي ثار، وهاجه غيره يتعدى، ولا يتعدى.
قال الشيخ سعد الدين والشريف: والأنسب أن يحمل هنا على غير المتعدي؛ لأن المتعدي إفساد، لا فساد (٥).
قوله:(وممالأة الكفار)
الراغب: مالأته: عاونته وصرت من ملئه، أي جمعه، كشايعته، أي صرت من