قال التفتازاني، والشريف: توجيه لإطلاق الفساد على هيج الحروب والفتن.
قالا: ولما كان حقيقة الإفساد جعل الشيء فاسدا، ولم يكن صنيعهم كذلك، بل مؤديا إليهم جعل الكلام من قبيل المجاز باعتبار المآل، أي لا تفعلوا ما يؤدي إلى الفساد، وليس معنى الإفساد الإتيان بالفساد وفعله ليصح حمل الكلام على الحقيقة (٢).
قوله:(الهرج والمرج)
الهرج الفتنة والاختلاط، والمرج كذلك، وهو بفتح الراء، وإنما سكن لأجل الهرج ازدواجا للكلام. قاله الجوهري في الصحاح (٣).
قوله:(والقائل هو الله تعالى، أو الرسول، أو بعض المؤمنين)
هو كلام الإمام قال: إن كل ذلك محتمل، وإن الأقرب أن القائل ذلك من شافههم، إما الرسول، أو بعض الصحابة (٤).
قلت: والثاني أقربهما.
قوله:(والمعنى أنه لا تصح مخاطبتنا) إلى آخره.
قال الشيخ سعد الدين: يعني أنه قصر إفراد؛ لأن نهيهم عن الإفساد يشعر بأن فيهم إفسادا، فنفوا ذلك، بادعاء أنهم مقصورون على الإصلاح، من غير شائبة إفساد.
وآثروا (إنما) دلالة على أن ذلك ظاهر بين، لا ينبغي أن يشك فيه، فرد الله عليه ذلك بقوله (ألا إنهم هم المفسدون) قصر قلب، أي هم مقصورون على الإفساد، لا ينتظمون في جملة المصلحين أصلا، مع المبالغة بالاستئناف المقصود به تمكين الحكم في ذهن السامع فضل تمكن؛ لحصوله بعد السؤال والطلب، وبالتأكيد بحرفي التنبيه والتحقيق المقصود بهما تنبيه السامع للحكم، وتقرره عنده بحيث لا مجال فيه للريبة، وبتعريف الخبر المفيد للحصر، وبتوسط ضمير الفصل المؤكد لذلك، وبقوله (ولكن لا يشعرون) الدال على أن كونهم مفسدين مما ظهر ظهور المحسوس، لكن لا إحساس لهم ليدركوه.