بقي هاهنا بحث: وهو أن ضمير الفصل إنما يفيد قصر المسند على المسند إليه، وكذا
تعريف الخبر - على ما ذكره صاحب " المفتاح "(١) وشهد به الاستعمال - مثل (إن الله هو الرزاق)[سورة الذاريات ٥٨] أي لا رازق سواه، فكيف يدل (إنهم هم المفسدون) على أنهم مقصورون على صفة الإفساد، لا يتجاوزونه إلى الإصلاح؟
والجواب: أنه إذا كان في الكلام ما يفيد القصر فضمير الفصل إنما يفيد تأكيده، سواء كان قصر المسند على المسند إليه، أو بالعكس.
وقد ذكر في " الفائق " أن تعريف المسند يفيد قصر المسند إليه على المسند، وأن معنى " إن الله هو الدهر "(٢) أنه الجالب للحوادث، لا غَيْرُ الجالِبِ (٣) فيكون المعنى هاهنا أنهم المفسدون، لا المصلحون.
فالوجه أن يقال: تعريف الخبر قد يكون لقصر المسند إليه، وقد يكون لقصر المسند بحسب المقام. انتهى (٤).
قوله:(وإنما قالوا ذلك لأنهم تصوروا الفساد بصورة الصلاح)
هو أحد احتمالات الإمام، وهو أوجهها من حيث المعنى وأعمها.
زاد الإمام: وإن فسرنا (لا تفسدوا) بمداراة الكفار كان معنى قولهم (مصلحون) أن هذه المداراة سعي في الإصلاح بين المسلمين والكفار (٥).
قلت: وهو الوارد عن ابن عباس، أخرج ابن جرير عنه في قوله (إنما نحن مصلحون) أي إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب (٦).
* * *
قوله:(للإستئناف به)
قال الطيبي: أي ترك العاطف ليفيد ضربا من المبالغة (٧).
قوله: (فإن همزة الاستفهام التي للإنكار إذا دخلت على النفي أفادت تحقيقا،