وذلك أن كل ما أوجده الله تعالى في هذا العالم جعله صالحا لفعل خاص، ولا يصلح لذلك العمل سواه، فالفرس للعدو الشديد، والبعير لقطع الفلاة البعيدة، وعلى ذلك الجوارح كاليد، والرجل، والعين.
والإنسان أُوجدَ لأن يعلم، ويعمل بحسبه، فكل شيء لم يوجد كاملا لما خلق له لم يستحق اسمهَ مطلقا، بل ينفى عنه، كقولهم: فلان ليس بإنسان، أي لا يوجد فيه المعنى الذي قد خلق لأجله، فقوله تعالى (ومن الناس من يقول آمنا بالله) هو اسم جنس، لا غير، وقوله (كما آمن الناس) معناه كما يفعل من وجد فيه تمام معنى الإنسانية، الذي يقتضيه العقل والتمييز، وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم (١).
ثم أخرج عن حماد الراوية (٢) قال: حدثني ابن أخت لنا من مراد قال: وليت صدقات قوم من العرب، فقال لي رجل منهم: ألا أريك عجبا، فأدخلني في شعب من جبل، فإذا أنا بسهم من سهام عاد، من قنا، قد نشب في ذروة من الجبل، عليه مكتوب: