للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير شك)

قال صاحب " الفرائد ": الوجه أن يقال: " أو " لتعليق الحكم بأحد المذكورين فصاعدا، والتفاوت في المؤدى إنما يقع بحسب التركيب الذي وقعت فيه، فإن وقعت في الخبر فالحاصل تعلق الحكم بأحدهما، وهو غير معين، فأمكن أن يقع الشك فيه، وإن وقعت في الطلب ولم يمكن وقوع الشك فيه أفاد التخيير والإباحة، والحاصل أيضاً تعلق الحكم بأحدهما، وذلك غير مانع لتعلق الحكم بكل واحد منهما، فعلى هذا لم تلزم الاستعارة، وهي في المواضع كلها على معناها.

قال الطيبي: حاصل تقريره أنَّ " أو " حقيقة في القدر المشترك بين الشك والتخيير والإباحة، وهو تعليق الحكم بأحد الأمرين.

قال الحديثي (١): دلالة " أو " و " أم " و " إمُّا " على أحد الشيئين، لا غير، وأما الشك والتخيير والإباحة وغيرها فإنها من صفات الكلام الذي هي فيه، وإضافتها إليها مجاز.

وقال ابن الحاجب في " شرح المفصل ": إنما قال المصنف: ويقال في " أو " و " إما " في الخبر: إنهما للشك، بلفظة " يقال " تنبيها على أن ذلك ليس بلازم، إذ قد يكون المتكلم مُبْهِماً.

أما في الأمر فيقال: إنهما للتخيير والإباحة على وضعهما لإثبات الحكم لأحد الأمرين، إلا أنه إن حصلت قرينة يفهم معها أن الأمر غير حاجز عن الآخر، مثل قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين سمي إباحة، وإلا سمي تخييرا، وهو لأحد الأمرين في الموضعين، وإنما علم نفي حجز الأمر عن الآخر في الإباحة من أمر خارج، كما في النهي، نحو قوله تعالى (ولا تطع مثهم آثما أو كفورا) [سورة الإنسان ٢٤] جاء التعميم من جهة النهي الداخل على معنى النفي؛ لأن المعنى قبل وجود النهي تطيع آثما أو كفورا، أي واحدا منهما، فإذا جاء النهي تبقى على بابها ويصير المعنى: ولا تطع واحدا منهما، فلا يحصل الانتهاء عن أحدهما حتى ينتهي عنهما مطلقا (٢).

قال الطيبي: وجه التوفيق بين كلاميه في " الكشاف " و " المفصل " هو أن " أو " في

<<  <  ج: ص:  >  >>