أصل اللغة موضوعة لتساوي شيئين في الشك، ثم فيه طريقان:
أحدهما: أن يستعار لمعنى التخيير أو الإباحة؛ لعلاقة تعليق الحكم بأحد المذكورين، كما يستعار الأسد للشجاع؛ لعلاقة الجراءة.
وثانيهما: أن يحمل على عموم المجاز؛ لتعليق الحكم بأحد المذكورين، فيقال: أما في الخبر فإنها للشك، وفي الأمر للتخيير، والإباحة، وعلى الأول ورد في " الكشاف " وعلى الثاني في " المفصل ".
وفي كلام الزجاج إشعار بما ذهب إليه المصنف. قال:(أو) في قوله تعالى (أو كصيب من السماء) دخلت لغير شك، وهذه يسميها الحذاق باللغة " أو " الإباحة.
والمعنى أن التمثيل مباح لكم في المنافقين، إن مثلتموهم بالمستوقدين فذاك مثلهم، أو مثلتموهم بأصحاب الصيب فهو مثلهم، أو مثلتموهم بهما جميعا فهما مثلاهم (١).
قال الطيبي: فاختصاص الحذاق - أي المهرة - بهذا المعنى دون من سواهم دليل على دقة هذا المعنى، ولم يكن كذلك إذا كان حقيقة، لاستواء الحذاق وغيرهم من أهل اللغة فيه.
وهذا خلاف تلك القاعدة، وهي أن " أو " في الأمر للإباحة؛ لكونها داخلة هاهنا على الخبر، وهي للإباحة؛ ولأن " أو " عند الإطلاق يتبادر منها الشك، دون ما سواه من المعاني، وذلك أمارة الحقيقة (٢).
قوله:(وأنهما سواء في صحة التشبيه بهما)
قال في " الكشاف ": فإن قلت: أَيُّ التمثيلين أبلغ؟
قلت: الثاني؛ لأنه أدلّ على فرط الحيرة، وشدة الأمر، وفظاعته، ولهذا أخر، وهم يتدرجون في نحو هذا من الأهون إلى الأغلظ (٣)".
قوله:(ويقال للمطر وللسحاب)
عبارة " الكشاف ": " والصيب المطر الذي يصوب، أي ينزل ويقع، ويقال