بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} وليس السورة مثل النبي. قال الإمام فخر الدين، في تفسيره: عود الضمير إلى ما نزلنا مروي عن الصحابة. ويدل على الترجيح وجوه، أحدها: أن ذلك مطابق لسائر الآيات الواردة في باب التحدي لا سيما ما ذكره في سورة يونس {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ}.
وثانياً: أن البحث إنما وقع في المنزل، لأنه قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} فوجب صرف الضمير إليه، ألا ترى أن المعنى: وإن ارتبتم في أن القرآن. منزل من عند الله فهاتوا أنتم شيئاً مما يماثله، وقضية الترتيب: لو كان الضمير مردودا إلى الرسول. أن يقال: وإن ارتبتم في أن محمداً منزل عليه فهاتوا قرآنا من مثله.
وثالثها: أن الضمير إذا كان عائداً إلى القرآن يقتضي كونهم عاجزين عن الإتيان بمثله سواء اجتمعوا أو انفردوا. وسواء كانوا أميين أو كانوا عالمين.
أما لو كان عائداً إلى محمد فذلك لا يقتضي إلا كون أحادهم من الأميين عاجزين عنه، لأنه لا يكون مثل محمد إلا الشخص الواحد الأمي وأما لو اجتمعوا وكانوا قارئين لم يكونوا مثل محمد، لأن الجماعة لا تمثل الواحد، والقارئ لا يكون مثل الأمي، ولا شك أن الإعجاز على الوجه الأول أقوى.
رابعها: إنا لو صرفنا الضمير إلى القرآن فكونه معجزاً إنما يحصل لكمال حاله في الفصاحة، وأما لو صرفناه إلى محمد فكونه معجزاً إنما يكمل بتقرير كمال حاله في كونه أمياً بعيداً عن العلم، وهذا وإن كان معجزاً إلا أنه لما كان لا يتم إلا بتقدير نوع من النقصان في حق محمد كان الأول أولى.