خامسها: أنا لو صرفنا الضمير إلى محمد. لكان ذلك يوهم أن صدور مثل القرآن ممن لم يكن مثل محمد في كونه أمياً ممكن، ولو صرفنا إلى القرآن لدل على أن صدور مثله من الأمي وغير الأمي، ممتنع، فكان هذا أولى.
قوله:(أوصلة فأتوا والضمير للعد)، قال القطب، والطيبي: لا يجوز على هذا عوده لما نزلنا، لأنه يستدعي كون من للبيان، والبيان يستدعي تقديم مبهم، ولا مبهم، فتعين أن تكون للابتداء أي: أنشئوا واستخرجوا من مثل العبد بسورة لأن مدار الاستخراج هو العبد لا غير، فلذلك تعين على هذا الوجه عود الضمير إلى العبد. قال القطب: وبهذا يضمحل وهم من لم يفرق بين فأتور بسورة من مثل ما نزلنا وبين فأتوا بسورة.
وقال الطيبي: قد تصدى للسؤال بعض فضلاء العصر، وقال: قد استبهم قول صاحب الكشاف حيث جوز في الوجه الأول كون الضمير لما نزلنا تصريحاً، وحظره في الثاني تلويحاً، فليت شعري ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلنا وفأتوا من مثل ما نزلنا بسورة؟ وأجيب بأن من إذا تعلق بالفعل يكون إما ظرفاً لغوا ومن للابتداء، أو مفعولاً به، ومن للتبعيض، إذ لا يستقيم أن يكون بياناً لا قتضائه أن يكون مستقراً والمقدر خلافه، وعلى تقدير أن يكون تبعيضاً، فمعناه: فأتوا ببعض مثل المنزل بسورة وهو ظاهر البطلان، وعلى أن يكون ابتداء لا يكون المطلوب بالتحدي الإتيان بالسورة فقط، بل يشترط أن يكون بعضا من كلام مثل القرآن وهذا على تقدير استقامته بمعزل عن المقصود واقتضاء المقام، لأن المقام يقتضي التحدي على سبيل المبالغة وأن القرآن بلغ في الاعجاز بحيث لا يوجد لأقله نظير فكيف للكل؟ فالتحدي إذا بالسورة الموصوفة بكونها من مثله في الإعجاز. وهذا إنما