للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقراً على أنه صفة سورة بمعنى سورة كائنة من مثله لم يتعين الضمير للعبد بل كما احتمل العود إلى العبد احتمل العود إلى المنزل، أما إذا كان ظرفاً لغواً متعلقاً بقوله: (فأتوا) لم يحتمل العود إلا إلى العبد لأنك لما علقته به فقد جعلته مبتدأ الاتيان بالسورة ومنشأها فيكون هو المنشيء لها والآتي بها والمصدر أو المملي () حتى يتحقق الابتداء فيه حقيقة كما إذا قلت: ايتني بشعر من فلان كان هو المملى والمنشيء على ما لا يخفى، ولو رجعت الضمير على هذا إلى المنزل أجدت، وأما نحو قولك: إيتني بماء من دجلة وثمر من بستانك وآية من القرآن وبيت من الحماسة فليس منه على أن في الحمل عليه فساداً لأنه يفيد ثبوت المثل للقرآن أو يوهم، والغرض نفى المثل على ما قلنا ولا قصد إلى مثل ونظير هنالك. قال: وفي ثبوت التحدي؛ لأن المعنى: فأتوا من مثل القرآن، أي من كلام، مثل القرآن في الأسلوب والفصاحة، بخلاف ما إذا علقته بالسورة لأن حقيقة المعنى على إقحام كلمة (من)، فكأنه قيل: بسورة مماثلة نظماً وأسلوباً، فلا يلزم فيه ما يلزم في الأول، وهذا كما إذا قلت: إئتني بدرهم كائن من مثل هذه الدراهم المضروبة كان المعنى أن يأتي بما ينطبع على وجهها ويتكون من مثلها مطلقاً، لا أن يأتي من مثلها الموجود.

وقال بعض أرباب الحواشي: هذا كلام مشكل قد استشكله قوم ولم يتضح لهم وجهه والذي يمكن فيه أنا إذا قلنا بالأول كانت رتبة من مثلها التقديم.

فيصير التقدير: فاتوا من مثله بسورة فيكون مثله كالموجود المحقق، وإنما التعجيز في أن يخرج منه سورة كما لو قلت: أصنع في مثل هذه القطعة من الحديد درعاً أو أصنع من هذه الخشبة كرسياً، فمثل الحديد والخشب موجود، وإنما التعجيز في تحصيل الدرع والكرسي

<<  <  ج: ص:  >  >>