مكية فإن عجزوا عنه من كل أحد فهم عن الإتيان بمثله ممن لم يقرأ ولم يكتب أشد عجزا، فالأحسن أن يجعل الضمير لقوله: عبدنا، فقط، وهذان النوعان من التحدي يشتمل على أربعة أقسام، لأن التحدي بالقرآن أو ببعضه بالنسبة إلى من يقرأ ويكتب، وإلى من ليس كذلك. والتحدي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة إلى مثل المنزل وإلى أي سورة كانت.
فإن من لم يكتب لا يأتي بها فصار الإتيان بسورة من مثل النبي - صلى الله عليه وسلم - ممتنعاً (شابهت القرآن أو لم تشابهه)، والإتيان بسورة من مثل القرآن ممتنعاً كانت من كاتب قارئ أم من غيره.
فظهر أنها أربعة أقسام، ثم قال الزمخشري: ويجوز أن يتعلق بقوله فأتوا والضمير للعبد، هذا صحيح وتكون من لابتداء الغاية، ولم يذكر الزمخشري على هذا الوجه احتمال عود الضمير على ما نزلنا، ولعل ذلك لأن السورة المتحدى بها إذا لم يوجد معها المنزل عليه لابد أن يخصص بمثل المنزل كما في سورة يونس وهود، فإذا علقنا الضمير هنا في سورة البقرة بقوله:{فَأْتُوا} وعلقنا الضمير بالمنزل كانوا قد تحدوا بأن يأتوا بسورة مطلقة ليست موصوفة ولا من شخص موصوف، فليست على نوع من نوعي التحدي. فإن قلت:{مِنْ}، على هذا التقدير للتعيض، فتكون السورة بعض مثله يقتضي مماثلتها.
قلت: المأمور به السورة المطلقة. و {مِنْ} يحتمل أن تكون لابتداء الغاية وإن سلم أنها للتبعيض فالمماثلة إنما يعلم حصولها للسورة بالاستلزام، فلم يتحدوا ولم يؤمروا بإتيانها من حيث هي مطلقة ولا من حيث ما اقتضاه الاستلزام من المماثلة، فإن المماثلة بالمطابقة في الكل المبعض لا في البعض، فإن لزم حصولها في البعض فليس من اللفظ، وبهذا يعرف الجواب. عن قول من قال: ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة