للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإتيان بالسورة التي هي المطلوبة في التحدي مانعاً فليتدبر؛ وأما التركيب الأول: فلا يدل على ذلك إلا إذا حمل {مِنْ} على الابتداء، وذلك غير لازم هنا، فإنه يمكن أن تكون للبيان، ويكون معنى الكلام: فأتوا بسورة كائنة مثل المنزل، وذلك ليس بخارج عن الأمرين اللذين قلنا إن المطلوب دائر بينهما وذلك المقدار من الفرق كاف في ذلك التخصيص وقال الشيخ أكمل الدين: قد استشكل بعض الفضلاء جواز عود الضمير إلى المنزل والعبد على تقدير كون من مثله متعلقا بسورة وانحصار عوده إلى العبد على تعلقه بقوله: {فَأْتُوا} وقال: ليت شعري ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلنا [وفاتوا من مثل ما نزلنا] بسورة، وكثر الكلام فيه بين العلماء بتبريز. والذي انتهى إليه الكلام فيه منهم، ومن غيرهم: إنه إذا تعلق بقوله: فأتوا لا يجوز أن يكون الضمير للمنزل لاستلزام بطلان كلمة {مِنْ}، لأنها لا يصح أن تكون للتبعيض لأنه حينئذ يكون مفعول فاتوا ثلاثاً ولابد منها ولا أن تكون للبيان لانه يقتضي مبهما قبله وليس بموجود، ولا للابتداء لأن ابتداء الإتيان من مثل المنزل لا يتحقق ولا زائدة، على قول الأخفش لما ذكر في التبعيض.

وأما إذا كان الضمير للعبد كان من للابتداء ليس إلا، وابتداء الإتيان من مثل العبد الصحيح. وقال الشيخ سعد الدين: قد اشتهر هنا سؤال تخصيص، وهو أنه لم لا يجوز على هذا التقدير أيضاً أن يكون الضمير لما نزلنا كما جاز على تقدير كون من مثله صفة سورة.

والجواب: أن هذا أمر تعجيز باعتبار المأتي به والذوق شاهد بأن تعلق من مثله بالإتيان يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتى منه بشيء ومثل النبي - صلى الله عليه وسلم - في البشرية والعربية موجود بخلاف مثل القرآن في البلاغة والفصاحة، وأما إذا كان صفة للسورة فالمعجوز عنه هو الاتيان بالسورة الموصوفة ولا يقتضي وجود المثل، بخلاف قولنا:

<<  <  ج: ص:  >  >>