للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصحّ أنه صلى الله عليه وسلّم لما تلا الآيات التي أنزلت في شأن براءة عائشة لم يبسمل، ففهم من ذلك أمر زائد على ما مضى، وهو أن البسملة من خواص أوائل السور، وأن هذا ليس من باب ذكرها للتبرك عند ابتداء كل أمر ذي بال، وإلا لكانت قضية عائشة رضي الله عنها من أبلغ مقتض لذلك.

ثم الظن بالصحابة رضي الله عنهم أنهم إنما أثبتوها في المصحف حيث أثبتوها لتلقيهم من النبي صلى الله عليه وسلّم النصوصية على أنها من أوّل كل سورة، أو لظنهم ذلك، وكان هذا عندهم من الأمور الواضحة الجلية، ولهذا لم يقع بينهم فيها نزاع حين كتبت، ولو كانت من باب التبرك لم تكتب كما لم يكتبوا التعوذ المأمور به قبل البسملة،

ولا " آمين " المأمور بها بعد قراءة القاتحة، ولا وقع بينهم نزاع في ذلك، فحصل ظنّ غالب أنها من القرآن (١). انتهى.

وقد حكى النووي في " شرح المهذّب " في البسملة (٢) وجهين:

أحدهما: -وصححه- أن إثباتها قرآنا على وجه الظن.

والثاني: أنه على وجه القطع (٣).

وقد شنّع القاضي أبو بكر الباقلاني (٤) وغيره على الشافعي في ذلك بأن القرآن لا يثبت بالظن، إثما يثبت بالتواتر (٥).

وأجاب عنه القاضي تاج الدين السبكي في " رفع الحاجب " بأنا لا ندعي تواتر


=قال الحافظ ابن كثير: ورواه ابن أبي حاتم من حديث خالد بن نافع به، وزاد فيه: بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الهيثمي: وفيه خالد بن نافع الأشعري، قال أبو داود: متروك. مجمع الزوائد ٧/ ١٣١.
قال الذهبي: وهذا تجاوز في الحد، فإن الرجل قد حدث عنه أحمد بن حنبل، ومسدد، فلا يستحق الترك، ميزان الاعتدال ١/ ٦٤٤.
(١) كتاب البسملة ل٦٥.
(٢) في ت، ح، ظ: المسألة.
(٣) المجموع شرح المهذب ٣/ ٢٩٤.
(٤) هو محمد بن الطيب بن محمد أبو بكر الباقلاني، كان إماما بارعا، صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرامية، توفي سنة ثلاث وأربعمائة. سير أعلام النبلاء ١٧/ ١٩٠ والديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ٢/ ٢٢٨.
(٥) الانتصار للقرآن ١/ ٢٥١ - ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>