[شرح حديث المسح على الخفين]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المسح على الخفين: حدثنا هناد حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال: (بال جرير بن عبد الله رضي الله عنه، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: أتفعل هذا؟! قال: وما يمنعني وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله).
قال إبراهيم: وكان يعجبهم حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة.
هذا قول إبراهيم، يعني: كان يعجبهم].
أحاديث المسح على الخفين بلغت حد التواتر، رواها من الصحابة نحو سبعين صحابياً، وكان يعجبهم قول جرير؛ لأن جريراً أسلم بعد آية المائدة، وآية المائدة هي آية الوضوء، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:٦] وهناك من يقول: إن المسح على الخفين كان قبل نزول آية الوضوء، ويرد عليهم بأن جريراً أسلم بعد ذلك، ولما قيل لـ جرير: أقبل المائدة أم بعد المائدة؟ قال: وهل أسلمت إلا بعد المائدة.
وقد خالف في ذلك الرافضة فأنكروا المسح على الخفين، وقالوا: يجب على من عليه خفين أن يخلعهما، وأن يمسح ظهور القدمين، وإن كانت الرجلان مكشوفتين فلا يجوز غسلهما، وإنما يمسح ظاهر الرجلين إلى الكعبين، وليس الكعبان هما العظمين الناتئين في جانب القدمين، وإنما هما عند معقد الشراك.
ولهذا ذكر العلماء هذا في العقائد، يقول العلماء في العقائد: (ونرى المسح على الخفين) مع أن المسح من الفروع، والقصد من ذلك الرد على الرافضة الذين أنكروا المسح على الخفين.
قال رحمه الله تعالى: [قال: وفي الباب عن عمر وعلي وحذيفة والمغيرة وبلال وسعد وأبي أيوب وسلمان وبريدة وعمرو بن أمية وأنس وسهل بن سعد ويعلى بن مرة وعبادة بن الصامت وأسامة بن شريك وأبي أمامة وجابر وأسامة بن زيد وابن عبادة -ويقال: ابن عمارة - وأبي بن عمارة رضي الله عنهم.
قال أبو عيسى: حديث جرير حديث حسن صحيح.
ويروى عن شهر بن حوشب قال: (رأيت جرير بن عبد الله رضي الله عنه توضأ ومسح على خفيه، فقلت له في ذلك؟ فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه، فقلت له: أقبل المائدة أم بعد المائدة؟ فقال: ما أسلمت إلا بعد المائدة).
حدثنا بذلك قتيبة حدثنا خالد بن زياد الترمذي عن مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب عن جرير].
هذا فيه إزالة الشبهة لمن اشتبه عليه الأمر، وهو أن المسح على الخفين كان بعد نزول آية المائدة.
قال رحمه الله تعالى: [قال: وروى بقية عن إبراهيم بن أدهم عن مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب عن جرير.
وهذا حديث مفسر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير في حديثه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعد نزول المائدة].