قال المصنف رحمه الله تعالى:[باب: ما جاء في الحائض أنها لا تقضي الصلاة.
حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن معاذة: أن امرأة سألت عائشة قالت: أتقضي إحدانا صلاتها أيام محيضها؟ فقالت: أحرورية أنت؟! قد كانت إحدانا تحيض فلا تؤمر بقضاء.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن عائشة من غير وجه أن الحائض لا تقضي الصلاة، وهو قول عامة الفقهاء، لا اختلاف بينهم في أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة].
هذا الحديث أخرجه الشيخان، وفيه بيان أن الحائض لا تقضي الصلاة، وأن الله قد خفف عنها؛ وذلك أن الحيض يتكرر في كل شهر، فمن رحمة الله تعالى أن خفف عنها، بخلاف الصيام؛ فإنه لا يكون إلا في السنة مرة، فلذلك وجب عليها القضاء، وهذا هو الصواب الذي عليه أهل العلم، خلافاً للخوارج الذين من علاماتهم أنهم يرون أن الحائض تقضي الصلاة.
فلما جاءت هذه المرأة وسألت عائشة هذا السؤال ظنت عائشة أنها تعترض، ولهذا قالت لها: أحرورية أنت؟ يعني: هل أنت من الخوارج؟! لأن بلدة حروراء هي التي تجمع فيها الخوارج، وهي تقع في العراق، وقد تجمع فيها الخوارج، فنسبوا إليها.
وفي رواية:(فقالت عائشة: أحرورية أنت؟ قالت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: قد كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة).
فدل هذا على أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؛ لأن الحكمة ظاهرة، فالصوم لا يأتي إلا في السنة مرة، والصلاة تتكرر في كل شهر، بل في كل يوم، وهذا من بركة الله سبحانه وتعالى وإحسانه ولطفه بالمرأة.