[ما جاء في التمندل بعد الوضوء]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء.
حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح حدثنا عبد الله بن وهب عن زيد بن حباب عن أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء).
قال أبو عيسى: حديث عائشة ليس بالقائم، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء.
وأبو معاذ يقولون هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف عند أهل الحديث.
قال: وفي الباب عن معاذ بن جبل].
وهذا الحديث ضعيف؛ لكن الذي جاء هو التنشف في الغسل، أما التنشف في الوضوء فمسكوت عنه، وعلى هذا فلا يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له منديل يتنشف به، بل العلماء يقولون: ويباح أن ينشف أعضاءه.
وهذا في الوضوء، أما في الغسل فالأصل ألا يتنشف، كما في حديث ميمونة قالت: (فأتيته بخرقة فلم يردها، فجعل ينثر الماء بيديه في الغسل)، وإن تنشف فلا حرج.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة حدثنا رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه)].
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه رشدين بن سعد، وفيه أيضاً عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهما ضعيفان.
وفيه أنه إذا توضأ مسح وجهه بثوبه.
[قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وإسناده ضعيف].
وصدق المصنف في ذلك.
[ورشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي يضعفان في الحديث.
وقد رخص قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم في المنديل بعد الوضوء].
يعني أنه مباح، لكن هذا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: رشدين بن سعد ليس يبالي عمن روى، لكنه رجل صالح.
أي: صالح في نفسه، بمعنى: أنه عابد صالح، لكن روايته ضعيفة.
قال المصنف رحمه الله: [ومن كرهه إنما كرهه من قبل أنه قيل: إن الوضوء يوزن، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب والزهري].
يعني: أن من كره التمسح والتنشف بعد الوضوء، إنما كرهه لإزالته القطرات، وهي توزن، فهذا وجه من كره التنشف: أنه يرى أن الوضوء يوزن.
والله أعلم بالصواب.
وبعضهم أعلّه، وهذا يحتاج إلى دليل.
قال المصنف رحمه الله: [حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا جرير قال حدثنيه علي بن مجاهد عني، وهو عندي ثقة عن ثعلبة عن الزهري قال: إنما كره المنديل بعد الوضوء؛ لأن الوضوء يوزن].
بعض الرواة قد يحدث بالحديث ثم تمضي مدة طويلة وينسى، فيقال له: هل حدثت بهذا قبل إحدى عشرة سنة؟ فيقول: ما حدثت بهذا، فيقال له: بل حدثت به، لأنه من الضابطين، ثم يروي الحديث عن تلميذه ويحدث به، فيقول: حدثني تلميذي عني أني أخبرته، فيريوه عنه تلميذه عن نفسه، وهذا كما حصل هنا.
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه ابن حميد الرازي، وهو حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه.