قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في البول يصيب الأرض.
حدثنا ابن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: (دخل أعرابي المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فصلى، فلما فرغ قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لقد تحجرت واسعاً، فلم يلبث أن بال في المسجد، فأسرع إليه الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهريقوا عليه سجلاً من ماء أو دلواً من ماء، ثم قال: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين).
قال سعيد: قال سفيان: وحدثني يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه نحو هذا.
قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وواثلة بن الأسقع.
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، وقد روى يونس هذا الحديث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة].
وهذا الحديث حديث صحيح، وفيه قصة الأعرابي الذي جاء ودخل المسجد وبال في المسجد، فزجره الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تزرموه) فلما قضى بوله دعاه عليه الصلاة والسلام وعلمه أن المساجد إنما بنيت لذكر الله، لا للبول ولا للقذر، وأمر بأن يؤتى بذنوب من ماء ويصب على بوله، وقال:(إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) إذا كنتم تعملون بالشريعة التي بعث الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام فقد بعثه الله سبحانه وتعالى بالتيسير، وكان هذا هو الحكمة؛ لأنهم لو زجروه وقام لألحقوا به مفاسد متعددة تلافاها النبي صلى الله عليه وسلم، منها: الضرر الصحي الذي يحصل له في قطع البول.
ومنها: تلويث المسجد، فبدل أن يكون البول في مكان واحد يكون في عدة أمكنة، وهذا يحتاج إلى تتبع مكان البول.
ومنها: تلويث جسمه وثوبه.
ثم التنفير من الإسلام، فهذه كلها تلافاها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(لا تزرموه)، فلما انتهى دعاه وعلمه برفق وقال:(إن هذه المساجد إنما بنيت لما بنيت له) أي: لم تبن للبول والقذر، وإنما بنيت لذكر الله، فلما رأى الأعرابي أن الصحابة زجروه وأن النبي صلى الله عليه وسلم رفق به قال:(اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد تحجرت واسعاً) أخرجه الجماعة إلا مسلماً، لكن رواية الترمذي فيها تقديم وتأخير، حيث ذكر أن الأعرابي دخل المسجد فصلى ثم دعا بالدعاء:(اللهم ارحمني ومحمداًً)، وقال:(فلم يلبث أن بال في المسجد).