للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (كان يطوف على نسائه بغسل واحد)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد.

قال: حدثنا بندار محمد بن بشار حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن معمر عن قتادة عن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد).

قال: وفي الباب عن أبي رافع.

قال أبو عيسى: حديث أنس حديث صحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد)، وهو قول غير واحد من أهل العلم، منهم الحسن البصري، أن لا بأس أن يعود قبل أن يتوضأ.

وقد روى محمد بن يوسف هذا عن سفيان فقال: عن أبي عروة عن أبي الخطاب عن أنس وأبو عروة هو معمر بن راشد وأبو الخطاب: قتادة بن دعامة.

قال أبو عيسى: ورواه بعضهم عن محمد بن يوسف عن سفيان عن ابن أبي عروة عن أبي الخطاب، وهو خطأ، والصحيح عن أبي عروة].

قال صاحب كتاب (تحفة الأحوذي) رحمه الله: حديث أنس حديث صحيح أخرجه الجماعة إلا البخاري، كذا في المنتقى.

وقال في (النيل): الحديث أخرجه البخاري -أيضاً- من حديث قتادة عن أنس بلفظ: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة، قال: قلت: لـ أنس بن مالك: أوكان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين) ولم يذكر فيه الغسل.

انتهى].

يعني: قوة ثلاثين رجلاً، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فإنه مع قلة الطعام والشراب، ومع انشغاله أعطاه الله هذه القوة، وهي قوة ثلاثين رجلاً.

ثم قال صاحب كتاب (تحفة الأحوذي) رحمه الله: قوله: (وهو قول غير واحد من أهل العلم، منهم الحسن البصري، أن لا بأس أن يعود قبل أن يتوضأ) في كلام الترمذي هذا شيء، فإن حديث الباب لا يدل على هذا، بل يدل على أن لا بأس أن يعود قبل أن يغتسل، فتفكر، وأما مسألة العود قبل أن يتوضأ فتأتي في الباب الآتي).

فهذا الحديث - كما ذكر المؤلف - رواه الجماعة - أصحاب الكتب الستة -: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو دليل على أنه لا بأس بأن يطوف الرجل على نسائه بغسل واحد إذا كان هناك عدد من النساء، ولا يعتبر هذا من الجور، لكن عليه أن يتوضأ بعد كل جماع، ويكره في حقه أن يعود بدون وضوء، وكذلك إذا أراد أن ينام، كما جاء في الصحيح أن عمر رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ)، يعني: لا بد من أن يتوضأ، وكذلك إذا أراد أن يأكل أو يشرب، وإذا كان يريد جماع زوجة أخرى فيتأكد الوضوء.

أما قول الحسن هذا فليس بشيء، فالصواب أنه لا بد من الوضوء بعد كل جماع، ومعلوم أن الإنسان يضعف بعد الجماع، لكن الأنبياء أعطاهم الله هذه القوة الكبيرة، وسليمان عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيح- دار على تسعين امرأة في ليلة واحدة، فقد ورد أنه قال: (لأطوفن الليلة على تسعين امرأة -وفي لفظ: على سبعين- فتلد كل واحدة غلاماً يجاهد في سبيل الله) فانظر إلى الهمة العالية (فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل - وفي لفظ: - فلم يقل ونسي)، وذلك لحكمة بالغة، (فطاف عليهن فلم تلد إلا واحدة أتت بشق إنسان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو قال (إن شاء الله) لكان دركاً لحاجته، ولقاتلوا في سبيل الله فرساناً أجمعين)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

والحديث رواه البخاري ومسلم، فهذه قوة عظيمة، فإنه دار على تسعين امرأة في ليلة واحدة؛ لأن الأنبياء لهم خصائص خصهم الله بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>