للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء في النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول]

قال المؤلف رحمه الله: [باب ما جاء في النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول.

حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا، فقال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت مستقبل القبلة فننحرف عنها ونستغفر الله)].

هذا الحديث رواه الشيخان وغيرهما، وفيه دليل على تحريم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة في الصحراء أو الفضاء.

أما في البنيان ففيه خلاف بين العلماء، والصواب: أنه يجوز في البنيان؛ لحديث ابن عمر أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة) فدل على جواز استقبال القبلة واستدبارها في البنيان، وكان ابن عمر يقضي حاجته ويضع راحلته أمامه في الصحراء، فلما سئل؟ قال: إذا كان بينك وبين القبلة شيء يمنعك فلا بأس، وهذا هو الصواب الذي ذهب إليه المحققون، وقد ذهب إليه البخاري رحمه الله، والنسائي وغيرهم جمعاً بين النصوص؛ لأن النبي نهى عن استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء وفعل ذلك في البنيان، فدل على أن النهي إنما هو خاص في الصحراء.

وبعض العلماء يرى: أنه لا يجوز حتى في البنيان، ومنهم أبو أيوب رضي الله عنه، حيث قال: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض، يعني: حمامات قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل.

[قال أبو عيسى: وفي الباب عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، ومعقل بن أبي الهيثم ويقال: معقل بن أبي معقل، وأبي أمامة، وأبي هريرة، وسهل بن حنيف رضي الله عنهم.

قال أبو عيسى: حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وأبو أيوب اسمه: خالد بن زيد.

والزهري اسمه: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وكنيته: أبو بكر، قال أبو الوليد المكي: قال أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: إنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا ببول ولا تستدبروها) إنما هذا في الفيافي، وأما في الكنف المبنية له رخصة في أن يستقبلها، وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم].

والصواب ما ذهب إليه الشافعي وإسحاق بن إبراهيم، وهو الذي ذهب إليه البخاري والنسائي وجمع من أهل العلم، أن هذا النهي يحمل على من كان في الصحراء، أما في البيوت فلا بأس؛ لأن بينك وبين القبلة حائط.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: إنما الرخصة من النبي صلى الله عليه وسلم في استدبار القبلة بغائط أو بول، وأما استقبال القبلة فلا يستقبلها، كأنه لم ير في الصحراء ولا في الكنف أن يستقبل القبلة].

وهذا القول لبعض العلماء، أخذاً بحديث ابن عمر، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر الكعبة مستقبل الشام.

قالوا: هذا خاص بالاستدبار فقط، أما الاستقبال فيبقى على العموم.

والصواب: أن هذا في الاستقبال والاستدبار جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>