[شرح حديث: (تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة.
حدثنا قتيبة حدثنا شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في المستحاضة: (تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي).
حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا شريك نحوه بمعناه.
قال أبو عيسى: هذا حديث قد تفرد به شريك عن أبي اليقظان.
قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فقلت: عدي بن ثابت عن أبيه عن جده -جد عدي - ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه، وذكرت لـ محمد قول يحيى بن معين أن اسمه دينار فلم يعبأ به.
وقال أحمد وإسحاق في المستحاضة: إن اغتسلت لكل صلاة هو أحوط لها، وإن توضأت لكل صلاة أجزأها، وإن جمعت بين الصلاتين بغسل واحد أجزأها].
قوله: (وسألت محمداً) أي: البخاري؛ لأنه شيخه فهو يسأله.
والواجب على المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، فإن اغتسلت لكل صلاة فلا بأس، وإن جمعت جمعاً صورياً جاز لها؛ لأنها مريضة، فإن الاستحاضة نوع من المرض، كما جاء في بعض الأحاديث أنها تؤخر الظهر إلى قريب العصر، وتغتسل لهما غسلاً، وتصلي الظهر ثم العصر بعده، وتؤخر المغرب إلى قريب العشاء وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتصلي المغرب والعشاء، وتغتسل للفجر، وليس بواجب الغسل إلا مرة واحدة عند الطهر من الحيض، ويجب أن تتوضأ لكل صلاة.
وأبو اليقظان اسمه عثمان بن عمير بالتصغير، وهو ضعيف جداً، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، كان شعبة لا يرضاه، وذكر أنه حضره فروى عن شيخ، فقال له شعبة: كم سنك؟ فقال: كذا، فإذا قد مات الشيخ وهو ابن سنتين.
وشريك أيضاً ضعيف.
قوله: (عن أبي اليقظان).
اسمه عثمان بن عمير بالتصغير، ويقال ابن قيس، والصواب أن قيساً جد أبيه، وهو عثمان بن أبي حميد البجلي أبو اليقظان الكوفي الأعمى، ضعيف واختلط، وكان يدلس ويغلو في التشيع، كذا قي التقريب، وقال في الخلاصة: ضعفه أحمد وغيره، وتركه ابن مهدي.
قوله: (عن عدي بن ثابت).
هو عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي، وهو ثقة، رمي بالتشيع، من رجال الستة.
قوله: (عن أبيه).
هو ثابت، قال الحافظ في التقريب: ثابت الأنصاري والد عدي، قيل: هو ابن قيس بن الخطيم، هو جد عدي لا أبوه، وقيل: اسم أبيه دينار، وقيل: عمرو بن أخطب، وقيل: عبيد بن عازب، فهو مجهول الحال.
وقد أطال الحافظ الكلام في ترجمة ثابت الأنصاري في تهذيب التهذيب، ثم قال: من يشأ الوقوف على ذلك فليرجع إليه.
قوله في المستحاضة: (تدع الصلاة أيام أقرائها).
الأقراء: جمع قُرْء، وهو مشترك بين الحيض والطهر، والمراد به هاهنا: الحيض.
قوله: (التي كانت تحيض فيها) أي: قبل الاستحاضة.
قوله: (ثم) أي: بعد فراغ زمن حيضها باعتبار العادة.
(تغتسل) أي: مرة.
قوله: (عند كل صلاة) متعلق بـ (تتوضأ) لا بـ (تغتسل)، وفيه دليل على أن المستحاضة تتوضأ عند كل صلاة، والحديث ضعيف، لكن له شواهد ذكرها الحافظ الزيلعي والحافظ ابن حجر في تخريجهما، ومنها حديث عائشة المذكور في الباب المتقدم، وقد جاء الوضوء في هذا الحديث، لكنه حديث ضعيف.
قوله: (هذا حديث قد تفرد به شريك عن أبي اليقظان، وأخرجه أبو داود وضعفه، وأخرجه ابن ماجة أيضاً.
وسألت محمداً عن هذا الحديث فقلت: عدي بن ثابت عن أبيه عن جده -جد عدي - ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه، وذكرت لـ محمد قول يحيى بن معين أن اسمه دينار فلم يعبأ به).
قال المنذري بعد نقل كلام الترمذي هذا ما لفظه: وقد قيل: إنه جده أبو أمه عبد الله بن يزيد الخطمي.
قال الدارقطني: ولا يصح من هذا كله شيء، وقال أبو نعيم: وقال غير يحيى: اسمه قيس الخطمي.
قوله: وقال (أحمد وإسحاق في المستحاضة: إن اغتسلت لكل صلاة هو أحوط لها، وإن توضأت لكل صلاة أجزأها، وإن جمعت بين الصلاتين بغسل أجزأها).
فالاغتسال لكل صلاة ليس بواجب على المستحاضة عند أحمد وإسحاق، وهو قول الجمهور، وروي عن بعض الصحابة أنهم قالوا: يجب عليها أن تغتسل لكل صلاة، والقول الراجح المعول عليه هو قول الجمهور.