[فيما يقال بعد الوضوء]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيما يقال بعد الوضوء.
حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي حدثنا زيد بن حباب عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فُتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء)].
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أنس وعقبة بن عامر.
قال أبو عيسى: حديث عمر قد خولف زيد بن حباب في هذا الحديث.
قال: وروى عبد الله بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن عقبة بن عامر عن عمر، وعن ربيعة عن أبي عثمان عن جبير بن نفير عن عمر.
وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شيء، قال محمد: وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئاً].
وهذا الحديث في الصحيح، ولفظه في الصحيح: (من توضأ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)، وزيادة الترمذي: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين).
وقد أخطأ الترمذي فيما زعم من اضطراب الإسناد في هذا الحديث، وبأنه لا يصح في الباب كثير شيء، وأصل الحديث صحيح مستقيم الإسناد، وإنما جاء الاضطراب في الأسانيد التي نقلها الترمذي منه أو ممن حدثه بها.
قال أحمد بن حنبل في المسند: حدثنا أبو العلاء الحسن بن سوار حدثنا ليث -يعني الليث بن سعد - عن معاوية -هو معاوية بن صالح - عن أبي عثمان عن جبير بن نفير وربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني وعبد الوهاب بن بخت عن الليث بن سليم الجهني، كلهم يحدث عن عقبة بن عامر قال: قال عقبة: (كنا نخدم أنفسنا، وكنا نتداول رعية الإبل بيننا فأصابني رعية الإبل فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يحدث الناس، فأدركت من حديثه وهو يقول: ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة وغفر له، قال: فقلت: ما أجود هذا! قال: فقال قائل بين يدي: التي كان قبلها يا عقبة! أجود منها، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، قال: فقلت: وما هي يا أبا حفص؟ قال: إنه قال قبل أن تأتي: ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء).
فهذا أصل الحديث، وهذا أجود أسانيده وأوضحها.
وحديث عمر هذا أخرجه مسلم في صحيحه من وجه آخر بدون زيادة: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)، وذكر الترمذي أن في إسناده اضطرب ولا يصح فيه شيء كبير.
قال الحافظ في (التلخيص) بعد ذكر كلام الترمذي هذا ما لفظه: لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض.