[شرح حديث: (توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في المسح على الجوربين والعمامة: حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن سليمان التيمي عن بكر بن عبد الله المزني عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه رضي الله عنه قال: (توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة).
قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة].
أي: قال بكر الراوي عن الحسن: سمعته من ابن المغيرة، فهو روى عن الحسن وعن ابن المغيرة، والعمدة على روايته عن ابن المغيرة؛ لأن الحسن مدلس، لكن هذا يدل على أنه سمعه، والحديث أخرجه مسلم.
قال رحمه الله تعالى: [قال: وذكر محمد بن بشار في هذا الحديث في موضع آخر: (أنه مسح على ناصيته وعمامته)، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة، ذكر بعضهم المسح على الناصية والعمامة، ولم يذكر بعضهم الناصية.
وسمعت أحمد بن الحسن يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان.
قال: وفي الباب عن عمرو بن أمية وسلمان وثوبان وأبي أمامة رضي الله عنهم].
والحديث أخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي.
أما المسح على الخفين فمتواتر، وفي هذا جواز المسح على الخفين وعلى العمامة، إذا كانت مدارة تحت الحنك يشق نزعها، أما إذا كانت ليست مدارة فإنها تنزع ويمسح على الرأس.
وقال الحنابلة: أو عمامة ذات ذؤابة، أي: لها ذؤابة إلى الخلف؛ لأنه لا يشق نزعها، فإذا كانت صماء أو ذات ذؤابة فإنها تنزع، لكن إذا كانت محنكة مدارة فإنه قد يشق نزعها.
قال رحمه الله تعالى: [قال أبو عيسى: حديث المغيرة بن شعبة حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر وعمر وأنس رضي الله عنهم، وبه يقول الأوزاعي وأحمد وإسحاق، قالوا: يمسح على العمامة.
قال أبو عيسى: وسمعت الجارود بن معاذ يقول: سمعت وكيع بن الجراح يقول: إن مسح على العمامة يجزئه؛ للأثر].
قال الشارح رحمه الله تعالى: وقال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد: ومسح على العمامة مقتصراً عليها، ومع الناصية، وثبت عنه ذلك فعلاً وأمراً في عدة أحاديث، لكن في قضايا أعيان يحتمل أن يكون خاصة بحال الحاجة والضرورة، ويحتمل العموم كالخفين، وهو أظهر.
انتهى.
قلت: يحمل القول بالمسح على الناصية والعمامة على أنه مسح على الناصية مع العمامة، وإذا بدا شيء من الناصية ومن الرأس يمسح عليه، وإذا كانت العمامة كافية ولا يبدو شيء من الرأس مسح على العمامة فقط.
والأحاديث متواترة في هذا الباب، والمشهور في مذهب الحنفية المسح.
لكن بعض المتأخرين يخالفون، ولابد من أن تلبس على طهارة، ومثلها الجبيرة.
أما خمار المرأة فإنه إن كان مداراً تحت الحلق فقد قالوا: إنه من جنس عمامة الرجل، أما إذا كان غير مدار أو كانت العمامة غير محنكة فلا.