[ما جاء في المضمضة والاستنشاق]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في المضمضة والاستنشاق.
حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حماد بن زيد وجرير عن منصور عن هلال بن يساف عن سلمة بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأت فانتثر، وإذا استجمرت فأوتر)].
فيه ما يدل على الأمر بالانتثار، وهذا الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة وأحمد، والإيتار والانتثار واجب، وكذلك الاستنشاق على الصحيح، فالمضمضة والاستنشاق واجبان في الوضوء وفي الغسل في أصح أقوال أهل العلم، وقيل: إنهما مستحبان.
وقيل: واجبان في الوضوء دون الغسل.
وقيل: إنما يجب الاستنشاق والانتثار ولا يجب المضمضة، والصواب: أنهما واجبان في الوضوء وفي الغسل، والإيتار في الاستجمار مستحب، إلا إذا أراد أن يكتفي بالحجارة دون الماء، فلابد أن يكون أقل الأحجار ثلاثة.
قال: [وفي الباب عن عثمان ولقيط بن صبرة وابن عباس والمقدام بن معدي كرب ووائل بن حجر وأبي هريرة.
قال أبو عيسى: حديث سلمة بن قيس حديث حسن صحيح.
واختلف أهل العلم فيمن ترك المضمضة والاستنشاق، فقالت طائفة منهم: إذا تركهما في الوضوء حتى صلى أعاد الصلاة].
وهذا هو الصواب، فيعيد الوضوء والصلاة.
قال المصنف رحمه الله: [ورأوا ذلك في الوضوء والجنابة سواء].
وهذا هو الصواب: أنهما واجبان في الوضوء وفي الجنابة.
قال المصنف رحمه الله: [وبه يقول ابن أبي ليلى وعبد الله بن المبارك وأحمد وإسحاق، وقال أحمد: الاستنشاق أوكد من المضمضة.
قال أبو عيسى: وقالت طائفة من أهل العلم: يعيد في الجنابة، ولا يعيد في الوضوء، وهو قول سفيان الثوري وبعض أهل الكوفة].
يعني: واجبان في غسل الجنابة، وليسا واجبين في الوضوء، وهذا القول الثاني.
قال المصنف رحمه الله: [وقالت طائفة: لا يعيد في الوضوء ولا في الجنابة؛ لأنهما سنة من النبي صلى الله عليه وسلم].
وهذا القول الثالث: ليسا واجبين لا في الوضوء ولا في الغسل.
قال المصنف رحمه الله: [فلا تجب الإعادة على من تركهما في الوضوء ولا في الجنابة، وهو قول مالك والشافعي في آخره].
والصواب: القول الأول: أنهما واجبان في الوضوء وفي الغسل، والأصل في الأوامر الوجوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فليجعل في أنفه ماء ولينتثر).
والمضمضة والاستنشاق مطلوبة إلا للصائم، فإنها مستحبة في حقه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: (وبالغ في الاستشاق إلا أن تكون صائماً).