[شرح حديث: (مسح أعلى الخف وأسفله)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في المسح على الخفين أعلاه وأسفله: حدثنا أبو الوليد الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم أخبرني ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة بن شعبة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله).
قال أبو عيسى: وهذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء، وبه يقول مالك والشافعي وإسحاق.
وهذا حديث معلول لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم.
قال أبو عيسى: وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء بن حيوة قال: حدثت عن كاتب المغيرة، مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر فيه المغيرة].
هذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه كاتب بن المغيرة، وثور بن يزيد تكلم عليه الشافعي.
وما ذهب إليه بعض أهل العلم من مسح ظاهر الخف هو الراجح، وقد ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على أعلى ظاهر الخف).
وكاتب المغيرة هو وراد -بتشديد الراء- الثقفي أبو سعيد، أو أبو الورد الكوفي كاتب المغيرة ومولاه، ثقة من الثالثة.
وقوله: [حدثت عن كاتب المغيرة] فيه جهالة من حدثه.
أما رواية الوليد بن مسلم قال: [أخبرني ثور بن يزيد] فمسندة عن كاتب المغيرة عن المغيرة بن شعبة.
قال الشارح رحمه الله تعالى: (قال: حدثت عن كاتب بن المغيرة) بصيغة المجهول، ففيه انقطاع (مرسل)، أي: فهو مرسل، وفي بعض النسخ: مرسلاً.
قال الحافظ في التلخيص: حديث المغيرة: (أنه صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والدارقطني والبيهقي وابن الجارود من طريق ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة، وفي رواية ابن ماجة عن وراد كاتب المغيرة قال الأثرم عن أحمد: إنه كان يضعفه، ويقول: ذكرته لـ عبد الرحمن بن مهدي فقال: عن ابن المبارك عن ثور حدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة، ولم يذكر المغيرة، قال أحمد: وقد كان نعيم بن حماد حدثني به عن ابن المبارك كما حدثني الوليد بن مسلم به عن ثور، فقلت له: إنما يقول هذا الوليد، فأما ابن المبارك فيقول: حدثت عن رجاء ولا يذكر المغيرة، فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه، فأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق، فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة، فأوقفته عليه، وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعد وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث.
وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه وأبي زرعة: حديث الوليد ليس بمحفوظ، وقال موسى بن هارون وأبو داود: لم يسمع ثور من رجاء.
حكاه قاسم بن أصبغ عنه اهـ.
الوليد يدلس في حديثه، لكنه صرح بالتحديث في هذه الرواية.
وابن المبارك رواه عن ثور وأرسل الحديث، وقال فيه: حدثت عن رجاء.
قال الشارح رحمه الله تعالى: وقال البخاري في التاريخ الأوسط: حدثنا محمد بن الصباح حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه ظاهرهما)، قال: وهذا أصح من حديث رجاء عن كاتب المغيرة، وكذا رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن أبي الزناد.
ورواه أبو داود الطيالسي عن ابن أبي الزناد فقال: عن عروة بن المغيرة عن أبيه، وكذا أخرجه البيهقي من رواية إسماعيل بن موسى عن ابن أبي الزناد.
وقال الترمذي: هذا حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد، قلت: رواه الشافعي في الأم عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن ثور مثل الوليد.
وذكر الدارقطني في العلل أن محمد بن عيسى بن سميع رواه أبو ثور كذلك، قال الترمذي: وسمعت أبا زرعة ومحمداً يقولان: ليس بصحيح.
وقال أبو داود: لم يسمعه ثور من رجاء، وقال الدارقطني: روى عن عبد الملك بن عمير عن وراد كاتب المغيرة عن المغيرة ولم يذكر أسفل الخف، وقال ابن حزم: أخطأ فيه الوليد في موضعين، فذكرهما كما تقدم.
قلت: الحاصل أن الحديث هذا معل، والصواب أن المسح يكون على ظاهرها.