للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح حديث صفوان: (كان رسول الله يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم).

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح].

قال الشارح رحمه الله تعالى: قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشافعي وأحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والدارقطني والبيهقي، قاله الحافظ في التلخيص، وقال فيه: قال الترمذي عن البخاري: حديث حسن، وصححه الترمذي والخطابي ومداره عندهم على عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عنه، وذكر ابن منده أبو القاسم أنه رواه عن عاصم أكثر من أربعين نفساً، وتابع عاصماً عليه عبد الوهاب بن بخت وإسماعيل بن أبي خالد وطلحة بن مصرف والمنهال بن عمرو ومحمد بن سوقة، وذكر جماعة معه.

ومراده أصل الحديث؛ لأنه في الأصل طويل مشتمل على التوبة، والمرء مع من أحب، وغير ذلك، لكن حديث طلحة عند الطبراني بإسناد لا بأس به، انتهى.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقد روى الحكم بن عتيبة وحماد عن إبراهيم النخعي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت، ولا يصح.

قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي حديث المسح].

أي أنه منقطع، لكن قد ينجبر هذا الانقطاع بحديث علي.

قال الشارح رحمه الله تعالى: قوله: (ولا يصح) بين الترمذي وجه عدم الصحة بقوله: (قال علي بن المديني) وهذا الحديث بهذا السند أخرجه أبو داود في سننه، قال الحافظ في التخليص: حديث خزيمة بن ثابت: (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن ولو استزدناه لزاد) رواه أبو داود بزيادة، وابن ماجه بلفظ: (ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمساً).

ورواه ابن حبان باللفظين معاً، ورواه الترمذي وغيره بدون زيادة، قال الترمذي: قال البخاري: لا يصح عندي؛ لأنه لا يعرف للجدلي سماع من خزيمة.

وذكر عن يحيى بن معين أنه قال: هو صحيح، وقال ابن دقيق العيد: الروايات متظافرة متكاثرة برواية التيمي له عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة، وقال ابن أبي حاتم في العلل: قال أبو زرعة: الصحيح من حديث التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة مرفوعاً، والصحيح عن النخعي عن الجدلي بلا واسطة، وادعى النووي في شرح المهذب الاتفاق على ضعف هذا الحديث، وتصحيح ابن حبان له يرد عليه، مع نقل الترمذي عن ابن معين أنه صحيح أيضاً كما تقدم، والله أعلم، انتهى ما في التلخيص.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال زائدة عن منصور: كنا في حجرة إبراهيم التيمي ومعنا إبراهيم النخعي، فحدثنا إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين.

قال محمد بن إسماعيل: أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن عسال المرادي.

قال أبو عيسى: وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء، مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن.

قال أبو عيسى: وقد روي عن بعض أهل العلم أنهم لم يوقتوا في المسح على الخفين، وهو قول مالك بن أنس.

وقال أبو عيسى: والتوقيت أصح، وقد روي هذا الحديث عن صفوان بن عسال -أيضاً- من غير حديث عاصم].

الصواب التوقيت، أما قول المالكية في عدم التوقيت فهو ضعيف.

قال الشارح رحمه الله تعالى: قوله: (وقد روي عن بعض أهل العلم) قال الشوكاني في النيل: قال مالك والليث بن سعد: لا وقت للمسح على الخفين، ومن لبس خفيه وهو طاهر مسح ما بدا له، والمقيم والمسافر في ذلك سواء.

وروي مثل ذلك عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمر والحسن البصري.

انتهى.

ويروى ذلك عن الشعبي وربيعة والليث وأكثر أصحاب مالك، ذكره العيني، والحجة لهم في هذا حديث أبي بن عمارة أنه قال: (يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم، قال: يوماً؟ قال: نعم، قال: ويومين؟ قال: نعم، قال: وثلاثة؟ قال: نعم، وما شئت)، أخرجه أبو داود، وقال: ليس بقوي.

قال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث: أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم في المستدرك، قال أبو داود: ليس بالقوي، وضعفه البخاري فقال: لا يصح، وقال أبو داود: اختلف في إسناده وليس بالقوي، وقال أبو زرعة الدمشقي عن أحمد: رجاله لا يعرفون.

وقال أبو الفتح الأزدي: هو حديث ليس بالقائم، ونقل النووي في شرح المهذب اتفاق الأئمة على ضعفه، قلت: وبالغ الجوزقاني فذكره في الموضوعات، انتهى.

ولهم في عدم التوقيت أحاديث أخرى لكن ليس فيها ما يشفي العليل ويروي الغليل، فإن منها ما هو صحيح فليس بصريح في المقصود، وما هو صريح فليس بصحيح (والتوقيت أصح) يعني: التوقيت هو الصحيح، فإن أحاديثه كثيرة صحيحة، وليس في عدم التوقيت حديث صحيح].

الصواب هو التوقيت الذي عليه أهل العلم، ويمكن أن يكون فيه شيء خاص للضرورة، لكن ليس معناه أنهم لا يرون التوقيت، ولو صح لكان اجتهاداً، ومن المعلوم أنه قد يجتهد بعض الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>