[شرح حديث ابن عباس في صلاة النبي بعد نومه في سجود غط فيه]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في الوضوء من النوم.
حدثنا إسماعيل بن موسى كوفي وهناد ومحمد بن عبيد المحاربى -المعنى واحد- قالوا: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلى، فقلت: يا رسول الله! إنك قد نمت؟! قال: إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله)].
قلت: هذا الحديث ضعيف.
قال صاحب (تحفة الأحوذي): قال أبو داود: قوله في الوضوء: (وأنه نام مضطجعاً) هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة، وروى أوله جماعة عن ابن عباس لم يذكروا شيئاً من هذا.
قلت: ليست بصحيحة نسبته إليه، فهو ليس من كلامه.
وقد صح الحديث: (ولكن من غائط وبول ونوم)، فالمهم هو الاستغراق، فإذا نام واستغرق انتقض وضوؤه، سواء أكان مضطجعاً أم غير مضطجع، فالعبرة في النوم بالاستغراق.
قال رحمه الله تعالى: [قال أبو عيسى: وأبو خالد اسمه يزيد بن عبد الرحمن.
قال: وفي الباب عن عائشة وابن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهم].
قال الشارح: واعلم أن الترمذي لم يحكم على حديث ابن عباس رضي الله عنهما المذكور بشيء من الصحة أو الضعف ههنا، وقد تكلم عليه في علله المفرد، وقد تكلم عليه غيره من أصحاب الحديث.
قال الحافظ في (التلخيص): مداره على يزيد أبي خالد الدالاني وعليه اختلف في ألفاظه، وضعف الحديث من أصله أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في (العلل المفرد)، وأبو داود في السنن والترمذي وإبراهيم الحربي في علله وغيرهم.
وقال البيهقي في (الخلافيات): تفرد به أبو خالد الدالاني، وأنكره عليه جميع أئمة الحديث.
وقال في (السنن): أنكره عليه جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة، وقال الترمذي: رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولم يرفعه.
انتهى.
قلت: صح الحديث: (ولكن من غائط وبول ونوم).
قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لـ أحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له، فقال: ما لـ يزيد الدالاني يُدخِل على قتادة؟! ولم يعبأ بالحديث.
يقول الترمذي في (العلل): وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء، رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولا أعرف لـ أبي خالد الدالاني سماعاً من قتادة.
قلت: ذكر شعبة أن قتادة لم يسمع من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، ثم ذكرها ولم يذكر هذا فيها.