[شرح حديث بلال في مسح النبي على الخفين والخمار]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هناد حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار).
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق -هو القرشي - عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: سألت جابر بن عبد الله عن المسح على الخفين فقال: السنة يا ابن أخي.
قال: وسألته عن المسح على العمامة، فقال: أمسَّ الشعر الماء)].
قوله: (مسح على الخفين والخمار) أي: العمامة، سمي خماراً لأنه يخمر الرأس، أي: يستره ويغطيه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: لا يمسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي].
قال الشارح رحمه الله تعالى: قال الحافظ في الفتح: اختلف السلف في معنى المسح على العمامة، فقيل: إنه كمل عليها بعد مسح الناصية، وقد تقدمت رواية مسلم بما يدل على ذلك، وإلى عدم الاقتصار على المسح عليها ذهب الجمهور.
وقال الخطابي: فرض الله مسح الرأس، والحديث في مسح الرأس محتمل للتأويل؛ فلا يترك المتيقن للمحتمل، قال: وقياسه على مسح الخف بعيد؛ لأنه يشق نزعه، بخلافها.
قلت: والحديث عن كعب بن عجرة عن بلال أخرجه مسلم، وحديث أبي عبيدة قال: سألت جابر، أخرجه بروايته الترمذي.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق - وهو القرشي - عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: سألت جابر بن عبد الله عن المسح على الخفين فقال: السنة يا ابن أخي].
عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث روى عن أبيه والزهري، وعنه إبراهيم بن طهمان، وثقه ابن معين، قال أبو داود: ثقة قدري وقال الفسوي وابن خزيمة: ليس به بأس وقال ابن عدي: أكثر أحاديثه صحاح وله ما ينكر، كذا في الخلاصة.
قوله: [عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر]، قال في التقريب: أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر أخو سلمة، وقيل: هو هو، مقبول.
اهـ وقال في الخلاصة: وثقه ابن معين، واختلف فيه كلام أبي حاتم.
اهـ وقوله: [أمس الشعر الماء] مجمل، ويحمل على أنه إذا بدا شيء من الناصية.
وقال محمد في موطئه: أخبرنا مالك قال: بلغني عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن العمامة فقال: لا، حتى يمس الشعر الماء.
هذا -على كل حال- مجمل تبينه الأحاديث، وظاهر السنة أنه يمسح على العمامة إذا كانت يشق نزعها، أما إذا كان لا يشق نزعها فتنزع ويمسح على الرأس.
والعمامة التي يمسح عليها هي التي يشق نزعها، ويقول علماء الحنابلة: إنها المحنكة، سواءٌ أكانت ذات ذؤابة أم لم تكن ذات ذؤابة، ونفس الذؤابة لا يشق نزعها، وهي التي يكون لها طرفان.