هذا التعاون هو في النهاية في حساب الشيطان، فإنه قد مات الملك ومات الساحر، ولكن بقي تعاونهما هذا -مع أنهما لا يؤمنان بالآخرة ولا يعملان من أجلها- دليلاً على حقيقة العمالة لذلك الطاغوت الأكبر -الشيطان-.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:(فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاماً يعلمه)، هذا الجزء من القصة يدلنا فعلاً على هذه العمالة، فما شأنه بما يقع من بعده، كبر ومع ذلك يريد أن يستمر الشر من بعده، هل يؤمن هذا الساحر بالآخرة؟ لا، هو لا يؤمن بها، ومع ذلك يريد أن يستمر الشر إذا مات، ويخاف أن يزول السحر الذي عنده بعد موته فيقول:(ابعث إلي غلاماً أعلمه السحر)، فهذا يدلنا أنه عبد للشيطان، مستمع له، يسعى إلى أن تنشأ الأجيال الجديدة على نفس الباطل الذي كان عليه، وحقيقة الأمر أن اتباع الشهوات والرغبة العاجلة في التلذذ بها في الدنيا يفسر لنا ما يقومون به في حياتهم، لكن أي لذة في استمرار الشر من بعدهم إلا تلك العمالة للشيطان الذي يوحي إليهم بتلقين الضلال للأجيال القادمة، ليحصل له غرضه الخبيث الذي بينه لنا رب العالمين بقوله:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[فاطر:٦].