للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تكريم الله لآدم بإدخاله الجنة]

وكرم الله عز وجل آدم فأسكنه الجنة، قال: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:١٩]، وأصح أقوال أهل العلم أن هذه الجنة هي جنة الخلد، لكن كيف وآدم قد خرج منها؟! نقول: إنما هي جنة الخلد إذا دخلوها يوم القيامة، وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم دخلها في المعراج ثم نزل إلى الأرض مرة ثانية، قال صلى الله عليه وسلم: (رفعت إلى السدرة فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان) ورأى فيها نهر الكوثر، فالنبي عليه الصلاة والسلام رأى الجنة ودخلها عليه الصلاة والسلام، ولكن إنما تكون جنة خلد لا يخرجون منها - {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:٤٨]- إذا دخلوها يوم القيامة، أما قبل ذلك فيمكن أن يدخلها البعض ثم يخرج منها، قال تعالى: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا} [الأعراف:١٩].

فالحلال كثير! {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة:٣٥]، شجرة واحدة هي المحرمة، وسنة ربنا عز وجل في التشريعات تقضي بأن الحلال أكثر من الحرام، ومع ذلك فأكثر الناس يرتكبون الحرام ويتركون الحلال سبحان الله! مثلاً: ربنا أمرنا بالصلاة في خمسة أوقات في اليوم والليلة مدتها ساعة من أربعة وعشرين؛ والذي يطول الصلاة جداً يأخذ ربع ساعة في الصلاة فيقولون له: أنت طولت، ومع ذلك أكثر الناس لا يلتزمون بذلك.

والمباحات كثيرة جداً، فالنباتات المحللة كثيرة، والنباتات المخدرة قليلة جداً، ولكن كم من الناس يأخذ الحرام، واتباع الشهوات سبب لذلك؛ لذلك فربنا عز وجل حرم على آدم شجرة واحدة فقال: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:١٩] واليهود يقولون: إنها شجرة المعرفة، والحقيقة أنه ليس هناك دليل على ذلك، بل هذا كلام فاسد من أن الذي يأكل من شجرة المعرفة يصبح عارفاً بالخير والشر، وبالتالي فربنا خاف من آدم أن يأكل من شجرة المعرفة فجعل عليها سيفاً مصلتاً يدور حولها ولهيب نار حتى لا يأكل من هذه الشجرة.

وكذلك لم يخبرنا القرآن عن نوع الشجرة، والاهتمام بأشجار التين أو البر أو كذا غير صحيح، فأهل الكتاب يهتمون بهذه الشجرة، ولكن لم يخبرنا ربنا عز وجل عنها، فهي شجرة حرمها الله عز وجل على آدم لحكمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>