تعالى إبليس على أمر الله فأهبطه الله، وتكبر فصغره الله، فالعاصي يعاقب بنقيض قصده، والله عز وجل يعاقب من خالف أمره بعكس ما يريد مما أراد من المعصية والمخالفة، فإبليس لما أبى ظن أن ذلك عزة له فصار ذلك سبباً لذله، وظن أن ذلك يحقق ذاتيته ويقول: أنا أعلى وأفضل، فجعله الله عز وجل حقيراً مذموماً مذءوماً، مدح نفسه فذمه الله لما قال:((أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ))، وقال:((اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا)) يعني: مذموماً، فعاقبه الله عز وجل بعكس ما قصد، فكل من تعزز بمعصية الله أذله الله، وكل من تكبر على طاعة الله صغره الله عز وجل، وكل من تعالى على أمر الله أهبطه الله سبحانه وتعالى.
((قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا)) أي: من المنزلة التي كنت فيها، من السموات العلى، لأنها لا تتناسب مع هذا الكبر، قال:((فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا)).
وعندها خرج مرض إبليس الدفين بهذا الابتلاء، حيث ابتلي إبليس فما نجح في الامتحان، إذاً: فليست العبرة بطول العبادة بقدر ما يكون الثبات في مواطن الابتلاء، قال تعالى:{قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}[الأعراف:١٣].
فإذا ذكر الله عز وجل تصاغر حتى يصير مثل الذبابة، وربما يكون المكذب الكافر من بني آدم يسمع الآيات تلو الآيات ونفسه لا تصغر، لكن إبليس يصير بقدرة الله مثل الذبابة إذا سمع ذكر الله عز وجل، هوان فظيع والعياذ بالله! ثم ينتظره الهوان الأشد يوم القيامة، فهو الآن في هوان، ويوم القيامة يكون في هوان أشد نعوذ بالله من النار!