قال تعالى:((وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ))، أي: شديد؛ لأنه كان يتوقع أن يأتي قومه إليه، ولذلك فهو يريد أن يخبئ أمرهم؛ ولأنه لا يعلم قوماً أخبث من قومه، فرد على الأضياف معرضاً، والأضياف يصرون على أن يكونوا ضيوفاً، وعلى أن يدخلوا إلى بيته، قال تعالى:((وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ))، فمن الذي جاء بهم، وقد دخلوا إلى بيت لوط وهو يحاول أن يجعله سراً؟! إنها تلك العجوز الخائنة، فإنها خرجت فأشارت إلى قومها أن احضروا سريعاً، قال تعالى:((وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ))، ويهرعون معناه: يسرعون، إلا أنه مبني للمجهول، وكأن هناك من يدفعهم لذلك، وبالفعل فالشيطان يدفعهم إلى مصيرهم، وهو الهلاك الحتمي؛ لينالوا مزيداً من العقاب، والعياذ بالله! وانظر إلى الشهوة التي تعمي الإنسان، فهلاكهم في الغد سيكون أعظم هلاك وهم يبحثون عن الشهوة بسرعة، ولا يفكرون إلا في نيلها، وانظر إلى امرأة العزيز كيف كانت تجذب يوسف حتى مزقت قميصه لتنال الشهوة المحرمة، ولم تشعر بخطوات سيدها الذي وصل إلى الباب! لأن الشهوة تعمي فعلاً، فتجعل الإنسان مسلوب الإرادة، مع أنه محاسب أشد الحساب على تلك الشهوة، قال سبحانه:{وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ}[هود:٧٨]، والسيئات هنا فسرتها الآية الأخرى:{إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}[الأعراف:٨١]، وقال غير واحد: اكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء.