أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يتلو كتابه سبحانه وتعالى، وأن يصبر نفسه مع عباد الله المؤمنين؛ وذلك لأهمية الرفقة الصالحة، فهي من أهم الأمور في الدعوة إلى الله عز وجل.
إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى لابد فيها من رفقة؛ حتى ولو كانوا أقل حالاً ومنزلة وعلماً من الذي أُمر أن يكون معهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى الخلق منزلة، وهو أقربهم إلى الله عز وجل، وأشدهم علماً بالله سبحانه وتعالى، وأشدهم له خشية؛ ومع ذلك أُمر بأن يصبر نفسه معهم؛ وذلك لأنهم يخلصون نيتهم لله عز وجل، والقرب من المخلصين من دقائق نعيم أهل الجنة؛ ولذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه وهو في النزع الأخير الرفيق الأعلى، فقال:(بل الرفيق الأعلى، اللهم في الرفيق الأعلى!) وهذا يدلنا على أهمية الرفقة الصالحة.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل من الأنبياء الذين سبقوه جميعاً، وهو سيد الناس يوم القيامة، وهو سيد ولد آدم ولا فخر، يطلب الرفيق الأعلى، ويطلب مرافقة الأنبياء الذين سبقوه، ومنهم إبراهيم عليه السلام وهو الذي بعده في المنزلة بين الخلق جميعاً، فإنهما أفضل من الملائكة، وأفضل من كل البرية، كما قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}[البينة:٧]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لمن قال له: يا خير البرية! فقال: ذاك إبراهيم عليه السلام)، قال إبراهيم:{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[الشعراء:٨٣].