[علاقة قوله تعالى:(إن بطش ربك لشديد * إنه هو يبدئ ويعيد) بقصة أصحاب الأخدود]
ختم الله السورة بقوله:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ}[البروج:١٢]، وهذا تهديد ووعيد لهؤلاء الذين غفلوا عن ملك الله وسلطانه وشهادته، وعن عزته وحمده، وغفلوا أن الله له ملك السماوات والأرض، وأن بطشه عز وجل بهم شديد.
وقال عز وجل:{إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}[البروج:١٣] أي: الكفرة لا يبدئون أو يعيدون، بل مبادئ الأمور ونهايتها لله عز وجل، وأدنى تأمل يؤكد لك ذلك، فمن الذي بدأ حياة أي ملك أو أي ظالم من الظلمة أو أكبر رئيس من الرؤساء؟ كل هؤلاء لا يملكون شيئاً، لو ألقي في دورة المياه قبل تخلقَّه ثم ألقي عليه الماء لذهب في المجاري، ولما استطاع أن يدفع عن نفسه شيئاً، كلهم مروا بهذه المرحلة، كل ظالم منتفخ متكبر يأمر وينهى ويؤذي عباد الله عز وجل لم يكن له من بداية الأمر شيء، لا والله حتى مراحل قوته هذه بدأت من الصفر ولابد، وكان من الممكن أن يولد متخلفاً عقلياً، وكان من الممكن أن يولد مشلولاً أو أن يولد أخرساً، ما كان يملك لنفسه شيئاً، وما صنع هو أو أبوه أو أمه أو الدنيا كلها شيئاً من سمعه وبصره وهو في بطن أمه، فالله فهو الذي يبدئ، كما أن الإعادة يوم القيامة له سبحانه وتعالى، وسوف تعود هذه الأمور مرة أخرى للحساب، المؤمنون يعودون، والكفار يعودون، وكلما وقع في الدنيا سوف يسأل عنه الله تعالى:{إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ}[البروج:١٣].