هذه الآية الكريمة فيها دليل على ذم التقليد، وذم القول بلا دليل، وكلاهما باطل ومنكر؛ فمن يتبع بغير حجة، ويعمل بغير حجة ولا دليل لم يأت بسلطان بين، وهذا افتراء على الله الكذب -والعياذ بالله-، وهذه الآية نزلت في المشركين لكنها ذمتهم على أوصاف معينة لا يجوز أن يوجد في المسلمين شيء منها، فالذي يتبع لمجرد أنه وجد الناس يفعلون فهذا هو المقلد الذي يقلد من ليس قوله بحجة بلا حجة، وهذا مذموم، فطالما كان قادراً على أن يعرف الحق، وإذا كان لا يعلم الحق ولا يستطيع الوصول إليه فإنه يسأل أهل الذكر، كما قال الله عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣].
والحق أن هذا بمنزلة الميتة للمضطر، وإلا فأن يكون الإنسان على بصيرة طالما أمكنه ذلك فهذا فرض عليه، وأما إذا كان عاجزاً فإنه يسوغ له ذلك للضرورة، كما يأكل المضطر الميتة، وكما يقلد الأعمى غيره في القبلة؛ فإن هذا يسأل أهل الذكر لضرورته إلى ذلك، وإذا وضح له الحق بالدليل لم يجز له أن يتركه بحال من الأحوال.