ومن بطون حمير بنو شِهَال، واشتقاق شِهَال من أشياء، إما من قولهم: عين شهلاءُ والشَّهَل: دُونه الزُّرقة، أو من قولهم: امرأة كَهْلَةٌ شَهْلَة. كأنَه إتباعٌ أو وهي الحاجة من الشهلاء كما قال الراجز رجزا.
لم أقض حتَّى ارتحْلَتْ شَهلاتي ... من الكَعَاب الرُّودة الغَيداء
ومنهم ذو نواس قاتل خثيعة، ولم يمنعنا عن استقصاء ملوك اليمن من حمير إلا أنّضا نَظَمْناهم ملكا ملكا من لدن قحطان إلى سيف بن ذي يزن في موضع تأريخ ملوك الدنيا، ما ستراه في موضعه إن شاء الله.
وكان الملك في اليمن مِنْ قَبْلُ في الأزد من ولد كهلان وحمير.
وأما مُلْك العراق فكان نصفين بين الأزد ولَخْم، وكانت الأزد تسكن الحِيَرة، وكانوا يغشون ملوك البلد، وكانوا مَرَّة يستعملون من هؤلاء ومَرة من هؤلاء، فإذا اضطرب جبل الأعاجم قاتلت إحدى القبيلتين الأخرى على الملك، فأيتهما غلبت ملكت حتى صَنعا مُلْك العراق واجتمعوا على جَذِيمة الأبرش، وهو الوَّضاح الأزدي صاحب الزَّبَّا، وهو أول عربي ملك العراق. حتى كان آخرهم إياس بن قُبَيْصة الطائي.
وأما ملك الشام فكان لسليخ حتى نزلت عليهم غَسّان فَتَغَّلبوا على سليج، وملكتها غسان، وبقي فيهم نحو ثلاثين ملكا حتى جاء الله بالإسلام، وكان آخر من مَلَكَهُم جَبَلَة بن الأيْةَ، أتينا بأسمائهم في التأريخ، تاريخ ملوك غسان.
ومن ولد ذي رُعَين أم المهدي، واسمها أم مُوسَى بنت منصور بن عبد الله بن شهر بن يزيد بن مُثَوب بن الحارث بن شَمَر ذو الجناح بن لهيعة بن يَعْفر بن نيكف بن فهدي بن ذي غشيم ابن أعرب بن نيكف بن عبدان بن يريم ذي رُعَين بن زيد بن سَهُل بن عمرو بن قَيْس بن معاوية جُشَم بن عبد شمس ابن وائل بن الغوث بن قَطَن بن عَرِيب بن زُهَير بن أيمن بن الهَمَيْسع ابن سبأ بن حمير، ومنهم كعب الأحبار وهو كعب بن مانع، ومنهم أبو حميد السمرقندي، واسمه محمد بن إبراهيم - وكان - أحد قواد أبي سلمة الحلال، وهو أول من بايّع السَّفاح خيفة من أبي سلمة.
ومن مواليهم عبد الرزاق بن همام بن نافع، المحدث صاحب التفسير.
ومن شعرائهم العترف الحميري، واسمه النعمان بن يعفر من ولد شرحبيل بن عمرو بن ذي أنس، وكان ذو أنس على مقدمة الرائيش الحميري حين سار إلى الهند. وقيل نعمان المعترف لغواة شِعرِه واقتداره عليه.
ومنهم يحيى بن نوفل الجميري، وكان كثير الهجاء قَلّ ما يمدح أحدا، وهو القائل في ابن بُردة بن أبي موسى الأشعري:
فلو كنت مُمتَدِحا لنوال ... فتى لا متدحت عليه بِلالا
في قصيدة له طويلة.
ومنهم يزيد بن زياد بن ربيعة بن مفرغ الشاعر، وانما سمى مُفرغا لأنه قل ما يَشرَب من إناء إلا فَرّغه، ومن ولده السيد الحميري، ومن جيد شعر يزيد بن مفرغ في زياد ابن ابيه قوله شعرا:
إن زيادا أو نافعا وأبا بكر ... عندي من أعجب العجب
إن ثلاثة خلقوا من ... بطن أنثى مخالفوا النسب
ذا قرشى كما تقول وذا ... مولى وهذا عمه عربي
ومن رجال حمير ناب بن أبي الحرة الذي قَتَل شهرك قائد يزدجرد، وكان ناب من أصحاب عثمان بن أبي العاص الثقفي يوم لقى الفرس، وهو صاحب زقاق ناب الذي بالبصرة، وهو الزقاق الذي من آخر دار صحارب بن سلم بن زياد إلى دار الشعراني في الكبرى في الصدر.
وذكر أبو عبيدة: أن يزدجرد بعث شهرك ومعه قيل من ثلاثين ألأفا من الأسارة، فلقيهم عثمان بن أبي العاصى فيمن عَبَر معه من عُمان والبحرين، وهم في ثلاثة الآف، فركب نابُ جَمَلا وقال: أنا صاحب قيل العرب، وكان وصل بن محين - فطعن شهرك فصرعه، وانهزم العسكر، فنفله عثمان منطعة شهرك، وكان طولها ثلاثة عشر شبرا مرصعة بالجوهر، باعها بالبصرة بثلاثين ألف دينار. وفي ناب وشهرك يقول الشاعر:
نابُ من ذى الحرة أردى شهركا ... والخيل تجتاب العَجاجَ الأرمكا
ومنهم أبو شمر بن أبرهة بن الصباح، قتل مع علي بن أبي طالب يوم صفين.
ومن قبائل حمير اليان والأملوك وجرش، واشتقاق جرش فهو فُعل من قولهم: جَرَشتُ الشيء أجرشُه إذا نَحَتُّه وبه سُمى الرجل جُراشة، وأجرشه أكثر والصدق. واسمه مالك، وردمان ومقرِى، والأحموش، ووحاظة.