ترى قصد المران فينا كأنه ... تدرع خرصان بأيدي السواطب
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا بالقواضب
ونروي إلى أعدائنا فبضارب ... ونروي إلى القوم الذين نضارب
وهذا البيت أشجع ما وصف من السيف. وعليه عمل كعب بن مالك حيث يقول:
نصل السيوف إذا قصرت بخطونا ... قدما ونلحقها إذا لم تلحق
ويوم بعاث أسلمتنا سيوفنا ... إلى خشب في خذم ثاقب
يجرون بيضا حين نلقى عدونا ... ونغمدن جمرا بارقات المضارب
إذا ما فررنا كان أسوى فرارنا ... صدود خدود وازورار المناكب
شعر جميل، وانما كتبنا منه المعاني الجياد التي قلّما يوجد مثلها في الشعر. وقد مر في قصيدته الهائية الممدودة في صفة الطعنة شيء أحسن ما وصفت به الطعنة. وقيس الذي يقول:
تروح من الحسنا أم أنت مغتد ... وكيف انطلاق عاشق لم يزود
ترأت لنا يوم الرحيل بمقلتي ... قدير بملتف من السدر مفرد
وجيد كجيد الريم خال يزينه ... على النحر ياقوت وفضل زبرجد
كأن الثريا فوق ثغرة نحرها ... توقد في الظلماء أي التوقد
الا ان بين السر عبي ورايح ... صرنا لتخديم السبال المعضد
لنا حائطات الموت أسفل منهما ... وجمع متى يصرح بيثرب يصعد
تر الحرة السوداء يحمر لونها ... ويسهل منها كل ربع وفدفد
وما الذي خالفت ذبيان كلها ... وعلسا على ما في الأديم المفرد
تحملت ما كانت مزينة تشتكي ... من الظلم في الأخلاق حمل التعّمد
وأقبلت من نحو الحجاز بنفرة ... تعم الفضاء كالقطأ المبدد
أرى أكثر المعروف يهلك أهله ... وسّود عصر السوء من لم يسوّد
إذا المرء لم يطعن ولم يلق نجدة ... مع القوم فليقعد بصفر ويبعد
واني لأعني الناس من كل مبرع ... يرى الناس ضلالا وليس بمهتد
تراه كثيراً لمن لا صبر عنده ... إذا جاع يوما يشتكيه ضحى الغد
وذي شيمة عرايكه شيمتي ... أقول له دعني ونفسك أرشد
فما المال والأخلاق الا معارة ... فما اسطعت من معروفها فتزوّد
متى أتيت الأمر من غير بابه ... ضللت وان تعمد إلى الباب تهتدي
في شعر طويل.
[الحارث بن الخزرج]
فولد الحارث بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيت بن مالك بن الأوس، ثلاثة: جشم. وحارثة، والربيع؛ تشرف في الجاهلية في بني مقاعش من بني تميم، ثم من بني سعد.
فولد حارثة بن الحارث بن الخزرج رجلين: مجدعة بن حارثة، رهط محمد بن مسلمة، فشهد بدرا وولاه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صدقات جهينة. وأخوه محمود، قتل يوم خيبر، رمي من الحصن بحجر، فندرت عينه؛ والذي رماه مرحب اليهودي. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " غدا يقتل قاتل أخيك " فقتل محمد بن سلمة، مرحب اليهودي. وله حديث.
ومنهم، عرابة بن أوس بن قبطي، الذي مدحه الشماخ. ومنهم: أبو الهيثم، مالك بن التيهان، شهد العقبة وبدرا، وكان بقيبا، والتيهان فعلان من التيه، من قولهم: تاه يتيه تيها، وتيهانا إذا أتاه على وجهه، فأما من التيه تاه يتيه تيها. وأخوه عتيك بن التيهان، شهد بدرا وقتل يوم أحد.
ومنهم، عباد بن بشير، كان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي.
ومنهم، سلمة بن ثابت، قتل يوم أحد، وهو الذي دخل الجنة ولم يُصل قط.
ومنهم علية بن زيد، أحد البكائين، الذين كانوا لا يجدون ما ينفقون، ومرارة بن ربعي، ومحمد بن سلمة، وجشم بن حارثة، رهط أبي عيسى بن جبر، واسمه عبد الرحمن بن الخزرج؛ وكان ممن يكتب قبل الاسلام بالعربية، وولد جشم بن الحارث بن الخزرج، ثلاثة: عبد الاشهل، وعمرا، وزعورا؛ وأمهم صخرة بنت كعب، فلذلك يدعون بني صخرة.