وفي نسخة: إن الله تعالى ألقى على وَجْهِ آدم النُّعاسَ فخلقَ من ضلعه الأيسر حَوَّاءْ - فأنْتَبَه آدمُ من رَقْدَتِه وإذا حَواء جالسة عند جنبه فقال آدم: عَظْمٌ من عظمي ولَحْمٌ مِنْ لَحْمي. قال: فمن أجل ذلك يترك الرجل أباه وأمَّه ويتبع امرأته ويكونان كليهما جِسماً واحدا. ثم زوجهما من بعضهما بعض، وأسكنهما الجنة، وبَوَّأهما فيها يأكلان منها رغدا حيث يشاءان من نعيمها، وحذَّرَهُما من أكل الشجرة التي نهاها عنها، وهي البُرَّة، وقيل الكرْمُ، وقيل التين - والله أعلم - فلم يزالا كذلك حتى غَرَّهَمُا الشيطانُ فأكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عن أكلها، فأخرجهما من الجنة، وأهبطهما إلى الأرض. وكان من قصتهما ما ذكر الله في كتابه.
قال ابن قتيبة: خلق الله آدم يومَ الجمعة، ومكث في الجنة ثمانية أيام وكان أولّ شيء أَكَلاَه في الجنة العِنَب، وكانت الشجرة التي نهيا عنها شجرة البَّرِّ، وكان الله أخدم آدم الحِّية، وكانت أحسن خلق الله، لها قوائم البعير، فعرض إبليس نفسه على دواب الأرض كلها أن تدخله الجنة، فكلها أبى إلا الحية، فإنها حملته بين نابين من أنيابها، ثم أدخلته الجنة حتى أنتهت به إلى حواء، فكلَّمها من جوف الحية فقال لها: إنكما لا تموتان إن أكلتما من الشجرة التي نهاكما رَبّكما عنها. وقال لها: إنها شجرة الخُلْد ومُلْكٌ لا يبلى، ولم " يزل " يغرهما حتى أخذت من ثمرتها فأكلت وأطعمت آدم، فانفتحت أبصارهما وعلما أنهما عُرْيَانَان، فعند ذلك تساقطت عنهما كُسْوَتُهًما وحليهما، فوصلا من ورق الشجرة وهي التّين فاصطنعاه إزارا، وغضب الله عليهما فأهبطهما من الجنة إلى الأرض.
عن ابن اسحاق قال: حُدِّثْتُ أن الشيطان أول ما ابتدأهما به من طَيْدِهِ إيَّاهما أنه ناح عليهما نِيَاحَةً أحزنتهما حين سمعاها. فقالا له: ما يبكيك؟ قال أبكي عليكما، تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة والكرامة. فوقه ذلك في أنفسهما، ثم أتاهما فَوْسَوسَ إليهما) قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمَلْكِ لاَ يَبْلَى (وقال) ما نَهَاكُمَا رَبُّكُما عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكْينِ أو تَكونا مِنَ الخَالِدينَ، وقَاسَمَهُمَا إنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِين (أي تكونان ملكين أو تخلدان - إن لم تكونا ملكين - في نعمه الخلد فلا تموتان.
يقول الله تعالى) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ (.
حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد في قوله سبحانه وتعالى) فَوَسْوَسَ (وَسْوَسَ الشيطان، إلى حواء في الشجرة حتى أتى بها إليها ثم حَسَّنها في عين آدم قال فدعاها آدم لحَاجَته فقالت: لا إلا أن تأتي هاهنا، فلما أتى قالت: لا إلا أن تأكل من هذه الشجرة. فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما.
قال: وذهب آدم هاربا في الجنة. فناداه ربَّه تبارك وتعالى: يا آدم، أمنِّي تَفِرُّ؟ قال لا يارب، ولكن حياءً منك. قال: يا آدم أني أُوتيت؟ قال: من قبل حواء يا رب. فقال الله تبارك وتعالى فإن لها عليّ أن أَدْمِيها في كل شهر مرَّة كما أدْمَت هذه الشجرة، وأن أجعلها سفيهة وقد خلقتها حليمة، وأن أجعلها تحمل كُرْهاً وقد كنت جعلتها تحمل يُسْراً وتضع يُسْراً.
قال ابن زيد، ولولا البَلِيَّة التي أصابتْ حوَّاء لكان نساء أهل الدنيا لا يَحضْن، ولكُنّ حليمات، ولَكُنَّ يَحْمْلْنَ يُسْراً ويضعْنَ يُسْراً.
[" ذكر هبوط آدم وحواء من الجنة إلى الأرض "]
فلما واقع آدم وحواء - الخطيّة أخرجهما الله من الجنة، وسلبهما ما كانا فيه من النعمة والكرامة، وأهبطهما وعدُوَّهما إبليس من الجنة إلى الأرض. فقال لهم ربهم) اهْبِطُوا بَعْضُكُم لِبَعْضِ عَدُوّ (فكان مهبط آدم حين هبط من حنة عدن في شرقي أرض الهند، وأهبط الله حواء بجدة، والحيّة بالبرية وابليس على ساحل بحر الابْلَّة وقد قيل إبليس بميسان والحية، بأصبهان.
وقال ابن اسحاق صاحب المغزي، ويذكر أهل العلم أن مهبط آدم على جبل يقال له واسم من أرض الهند عند واد يقال له هيل، وهو جبل بين قرى الهند واليوم يدعى الدهنج والمندل وهما بلدان بأرض الهند والدهنج ضرب من الجوهر، والمندل العود، والعرب تنسب الطيب إلى المندل.
قالوا: وأهبطت حَوَّاء بجدة من أرض مكة.