فأما نصر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. فولد رجلا، وهو مالك بن نصر، وكان مالك بن نصر بن الأزد، أحد أجواد ملوك العرب، وهو الذي كان يوقد نارا في كل بقاع من الأرض، والبقاع، هو ما أرتفع من الأرض ليقصد إلى ناره الوفود والأضياف، وذوو الحاجات والفاقات، ويبني المنازل على المناهل، وترك الأنعام والمواشي على المناهل نوكل من وصل من عابر سبيل لم ينحر له الموكلون بالأنعام، وله على الضيافة بكل منهل وكلاء انتجبهم من الناس، وكان ذلك دأبه في عصره. وهو الذي يقول فيه بعض شعراء ذلك العصر:
يا مالك الخيرات يا ابن نصر ... يا ناحر الكوم بكل قطر
ما دمت فالناس حليفو يسر ... قد قام جودك مقام القطر
فمن مالك بن نصر، تفرقت قبائل نصر، أزد شنوة، منهم بنو دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد. وأنما سموا أزد شنوة لشنان كان بينهم، والشنان هو البغض.
ومن أزد شنوة بنو عثمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد. من قبائل نصر بن الأزد، بنو عامر. واسمه عامر. ويقال عمرو بن عبد الله بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد.
ومنهم راسب، واسمه الحارث بن مالك بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد. وكان منهم عبد الله بن وهب الراسبي، صاحب الخوارج. فهؤلاء من قبائل نصر بن الأزد.
وكان مالك بن نصر بن الأزد، قد ولد خمسة نفر: عبد الله بن مالك. وميدعان بن مالك. وميدعان كلهم بالحجاز، ليس منهم أحد بعمان، وعمرو بن مالك، وهم بالحجاز، ومعاوية بن مالك، وهم قليل بالحجاز. ومويلك بن مالك، ملك اليمن كلها، وهو أول من قطع الأيدي والأرجل.
[٢ - ميدعان بن مالك]
وولد ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد، ثلاثة رهط: عوف بن ميدعان، ومالك بن ميدعان، ومنهب بن ميدعان، ومر بن ميدعان.
فولد مالك بن ميدعان، خمسة رهط وهم: معاوية، وراسب، ووهب، وقراد بني مالك، وولد عوف بن ميدعان. وميدعان اشتقاقه من الميدع، والميدع: ثوب يلبس فيودع به غيره، فإن كان من هذا فأصل هذه الياء. أو كأنه مودعان، والجمع ميادع، وقالوا ميادع. فمن قال ميادع، وجعله أصله من الساء نمن قال موادع، جعل أصله من الواو والميادع في لغة من قال ميازين، يريد موازين. والواو الأصل.
فولد مفرج بن عوف سلامان نوهم رهط عبد الملك قبن أبي الكنود، الفقيه، فولد سلامان بن مفرج بن عوف بن ميدعان ستة رهط، وهم: مليل، وعامر، ومريع، والعصب. ويقال العصب، وسعد، ورمان، ومفرج: مفعل من فرجت الشيء افرجه فرجا، إذا وسعته، وفرش فريج واسع الشجوة.
ومفرج جابر بن عوف، كان أحد من يغزو على رجليه، والحاجز، فاعل من حجزت بين القوم نوكل شيئين فصلت بينهما، فقد حجزتهما، وبه سميت الحجاز، لأنها بين نجد وتهامة. والحجزة ما يحتجز الرجل، كأنه فصل بين أعلاه وأسفله.
فمن بني رمان الشنفري بن مالك، واسمه مالك بن مالك. ويقال بل اسمه عمرو بن مالك، وكان الشنفري بن مالك، من الأبطال الفتاك العدايين، وهو من أشعر من تأبط شرا. وروي ابن الخناس نعن ابن السكيت، قال: تزوج مالك، يعني أبا الشنفري، امرأة من بني فهم، فولدت له الشنفري، ونازع مالك رجلا من قومه حليلا، فعدا على مالك فقتله، فلم يطلب قومه ثأره، فلما رأت ذلك أم الشنفري تحملت بابنها الشنفري، وهو صبي، فخرجت هاربة إلى دار قومها، بني فهم تولول. فقال الشنفري، ويقال انه أول شعر قاله:
تولول ان غلاها دهرها ... بريب المكاره بالأودع
وكل امرئ عاش في غبطة ... يصير إلى حدث الأشنع
فأقسمت ابرح ذا غارة ... تعزز بالنفس في المكرع
وكان الشنفري، يصحب تأبط شرا، ولا يفارقه الفهمي، وكان تأبط شرا، خال الشنفري، أخا أمه، وكانت أم الشنفري تقول له: ابني احذر أن تقتل، فيقول: من حذر قصر، ومن أراد يشفى غليله غزر، وكل أمر مقدور. وكان لا يزال يغير على قومه، وكان الذي قتل أباه رجلا من غامد، فبرح بغامد، وأخاه فهم، من كثرة غارته عليهم.