قال وهب: إن آدم يولد له في كل بكن ذكَرُّ وأنثى، وكان الرجل منهم يتزوج إلى أخواته من شاء إلا تَوْأمته، حتى كان من أمر قابيل وهابيل حين عزم هابيل أن يتزوج إقليما أخت قابيل ما كان وكانت حواء فيما يُذكر لا تحمل إلا توأماً ذكرا وأنثى، فولدت حواءُ لآدم أربعين ولداً توأما لصُلْبه من ذكر وأنثى في عشرين بطنا، فكان الرجل منهم أيَّ أخواته شاء يتزوج إلا توأمته التي تولد معه، فإنها لا تحل له وذلك أنه لم تكن نِساء يومئذ إلآ أخواتهم، وأمهم حواء.
وذكر بعضهم: أن حّواء ولدت لآدم عشرين ومائة بطن، أولهم قابيل وتوأمته إقليما، وآخرهم عبدُ المغيث وتوأمته أم المغيث.
وأما ابن إسحاق فذكر: إن جميع ما ولدته حواء لآدم لصلبه أربعون ذكراً وأنثى في عشرين بطنا. قال: وقد بلغنا اسماء بعضهم ولم يبلغنا بعض، وكان مما بلغنا اسمه خمسة عشر رجلا وأربع نِسْوة. منهم، قابيل وتوأمته إقليما، وهابيل وتوأمته ليوذا، وأشون بنت آدم وتوأمها، وشيت وتوأمته، وحزورة وتوأمها، على ثلاثين ومائة سنة من عمره. ثم إباد بن آدم وتوأمته ثم أثان بن آدم وتوأمته ثم توبه ابن آدم وتوأمته ثم هدر بن آدم وتؤامته ثم بيان ابن آدم وتؤامته ثم شبوب بن آدم وتؤامته ثم حيان بن آدم وتؤامته، ثم ضرابيس بن آدم وتؤامته، ثم يجود بن آدم وتؤامته، ثم سندل بن آدم وتؤامته، ثم بارق بن آدم وتؤامته. كل رجل منهم تولد معه امرأة في بطنه الذي يحمل به فيه.
[" مولد شيث "]
وولدت حواء لآدم شيث، وقد مضى من عمره مائة وثلاثون سنة، وكان ذلك بعد قتل قابيل لهابيل بخمسين سنة.
وعن هشام بن صالح عن ابن عباس قال: ولدت حواء لآدم شيث وأخته حزورا، فَسُمَّي هبة الله، اشتُقَّ له من قابيل، أي أنه خلف من هابيل. قال لها جبريل حين ولدته: هذا هبة الله بدل هابيل، وهو بالعربية شث وبالسريانية شاث، وبالعبرانية شيث، واليه أوصى آدم وعهد إليه، وكان آدم يوم ولد له شيث ابن ثلاثين ومائة سنة.
وإلى شيث أنساب بني آدم كلهم، وذلك أن نسل ولد آدم غير نَسْل شيث انْقَرضوا وبادوا، ولم يبق منهم أحد، وأنساب الناس كلهم إلى شيث. وكان آدم مع ما أعطاه الله من ملك الأرض والسلطان فيها. قد نبَّاهُ الله وجعله رَسُولاً إلى ولده، وأنزل عليه إحدى وعشرين صحيفة، كتبها آدم بخطه، علَّمه إياها جبريل عليه السلام.
وروى عن أبي ذر الغفاري أنه قال: دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وَحْدَهُ فجلست إليه، فقال لي: يا أبا ذرٍ، إن للمسجد تحية وتحيته ركعتان، فقم فاركَعْهما. قال فلما ركعتهما جلستُ إليه فقلت: يا رسول الله، إنك أمرْتَني بالصلاة، فما الصلاة؟ قال: الصلاة خَيّرُّ موضوعٌ فمن شاء فَلْيُقْلل ومن شاء فَلْيُكْثر. ثم ذكر قصة طويلة. قال فيها فقلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: مائِة ألف وأربعة وعشرون ألفا. قلت: يا رسول الله كم الرسل من ذلك؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر. جما غفيرا. أي كثيرا طيبا. قلت: يا رسول الله مَنْ كان أولهم؟ قال: آدم، قلت، يا رسول الله وآدم نَبِيُّ مرسل؟ قال: نعم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم سَوَّاه قبلا.
وقيل: إنه كان مما أنزل الله على آدم تحريم الميته والدم ولحم الخنزير، وحروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة، وهو أول كتاب كان في الدنيا. أخذ الله الألسنة كلها عليه.
[" وفاة آدم صلى الله عليه "]
عن أُبي بن كعب: أن آدم لما احتضر اشتهى قطفا من قُطُف الجنة، فأنطلق بنوه ليطلوا له، فلقيتهم الملائكة، فقالوا: أين تريدون يا بني آدم؟ قالوا: إن أبانا اشتهى قطفا من قطف الجنة. فقالوا: ارجعوا فقد كُفَيتُمُوه، فانتهوا إليه فقبضوا روحه وغَسّلُوه وحَنطوه وكفنوه وصلّى عليه جبريل عليه السلام، والملائكة خلف جبريل، وبنوه خلف الملائكة، فقالوا: هذه سنتكم في موْتَاكم يا بني آدم.
قال وهب: وحُفِر له في موضع في جبل أبي قبيس يقال له غار الكنز فدفنوه فيه: فلم يزل آدم في ذلك الغار حتى كان زمن الغرق فاستخرجه نوح عليه السلام وجعله معه في تابوت في السفينة، فلما نضب الماء وبدت الأرضُ لأهل السفينة رَدَّهُ نوح إلى مكانه.
قال ابن قُتَيْبة: ووجدت في التوراة أن جميع ما عاش آدم تسعمائة سنة وثلاثون سنة.
قال وهب: عاش آدم ألف سنة.