يكون له بالأوس والخزرج الرضى ... بلوغ الذي يهواه في السر والجهر
تدين له كل العباد لباسهم ... فيعلو بهم دين الإله على الكفر
يحوطونه فيهم ويؤونه معا ... ويَلْقَونه بالحُبّ والرّحب والبشر
ويبذل كلَّ مِنْهُم النفس دونه ... كذاك يواسون الجماعة في الوقر
هم قومنا أبناء حارثة الندى ... لثعلبة بن الملك خير الورى عمر
فُسوف تطَا السودانُ أرضا ابن حمير ... وتلبث عشر أو قريبا من العشر
فيبرزها الملك الذي كان قد وهى ... قصير قوام الشخص متسع الصدر
ملك خمسا وثمانين سنة.
ملك شَهَر يَرْعَش بن أفريقيش بن أبرهة ذي المنار
قال عبيد بن شربة: ثم رجع الملك إلى الرايش، فملك بعده شَهَر يَرْعَش بن أفريقيش بن ابرهة ذي المنار بن الرايَش. وهو الحارث - بن شدَد بن المِلْطَاط بن بن عمر وبن ذي انس بن يقدم بن الصرار بن عبد شمس. وسمى يَرْعَش لارتعاش كان به، فسار بعد ما ملك سنين نحو المشرق وساحل البحر، حتى دخل ارض العراق في شيء لم اسمع ان رجلا منهم سار في مثله من الخيول، ثم توجه نحو الصين يريدها، فكان طريقه على ارض فارس، ثم سِجِسْتان، حتى دخل خراسان، لا يمر بأهل مملكة الا بعثوا بالهدايا والادلاء وينتحون عنه. حتى كان منتهاه نهر بلخ فبينما هم كذلك إذا أقبل اليهم مالا يعلمه الا الله من امم بلغها مسيره فاجتمعت لتصطلم ذلك الجند من العرب فقاتلهم اياما، ثم ظفر بهم فهزمهم ومزقهم كل ممزق، وتبعهم مسيرة ايام. وكان للقوم مكان فيه سفنهم فانتهوا اليها وحِمْيَرُ في آثارهم، فركبوا معهم في سفنهم فأخذوا آلتها، فقاتلوهم فيها حتى عبروا أو نصفهم - ثم عبر القوم على مهل، فاتبعوا القوم فرأوا بلادا كثيرة الخير واسعة الميسر، فحاصروا المدائن، وافتتحوا القلاع، وظفروا بالسبى، وحووا الاموال، حتى انتهوا إلى جمع عظيم بالصغد فقاتلوهم فدخل مدينة الصغد فسبى اهلها وهدمها واسمها يومئذ اعجمى بلخى فسماها الاعاجم شمر كندة، تعني: شمر اقلعها فعربتها العرب فقيل: سَمَرقَنْد، فأبدلت من الشين سينا، وجعلوا موضع الكاف قافا، أي موضع كند قند.
قال عبيد: وبلغني ان شمرا أمر بموضع مدينة الصغد فكتب هناك في صخرة: هذا ملك العرب والعجم شَمَر يَرْعَش الاشم، من بلغ هذا المكان فهو مثلي، ومن جاوزه فهو افضل مني.
ملك مائة سنة وستا وثلاثين سنة: اسمه حسان، ويقال: هو تبع الأكبر.
ملك الأقرن عَمِّيكَرِب بن شَمَر يَرْعَش بن افريقيش
قال عبيد بن شريّه: ثم ملك ابنه الاقرن عَمِّيكَرِب بن شَمَر يَرْعَش بن افريقيش بن ابرهة ذي المنار، قغزا ارض المغرب متيمما إلى ارض الروم فانتهى إلى ارض الظُّلْمَة ليدخل وادي اللؤلؤ والياقوت والُّدرَ، فمات هنالك. وقال الياس بن عمرو بن الغوث بن العبد ذي الادغار شعرا اوله:
ان تمس في اللحد ابو مالك ... يسفى عليه المُورُ بالحاصب
ملك ثلاثا وخمسين سنة.
ملك ابنه تُبَّع ذو الشأن الأكبر
قال عبيد بن شريه: ثم ملك ابنه تُبَّع ذو الشأن، وهو تبع الاكبر بن عَمِّيكَرِب بن شَمَر يَرْعَش بن افريقيش بن ابرهة ذي المنار بن الحارث الرايُش، وكثر غزوه، ثم اقام عشرين سنة. لم يغز فتنقضت عليه الترك والخزر فلما بلغه ذلك ارسل عليهم فامتنعوا بالهدايا، وقتلوا رسله، فسار اليهم في الوجه الذي كان الرانيش سار فيه على جبلي طيء، ثم على الموصل، فلقيهم على حداء، اذربيجان - كانوا تهيئوا للقائه - فاقتتلوا اياما، ثم ان الترك انهزمت، فقتل المقاتلة وسبى الذرية، ثم قال تبع ذو الشأن في ذلك:
منع البقاء تقلب الشمس ... طلوعها من حيث لا تمسي
وطلوعها حمراء صافية ... وغروبها صفراء كالورس
تجري على كبد السماء كما ... يجري حمام الموت للنفس
اليوم اعلم ما يجيء به ... ومضى بفصل قضائه امس
وتشتت الاهواء تخلجني ... نحو العراق ومطلع الشمس
خرجت لحربي الترك طاغية ... لافرغن لحربهم نفسي