بذبذبة عن مشافره ... البعوض فميعا بلده
ولو أبصرت ما جمعت ... فوق الورد تر شهده
رأيت مضاضة زعفا ... وبركا منها برده
وحمصا ما يكفى ما ... يذوق الماء من برده
وذي النون الصفر معي ... وتحت الورد معتقده
إذا لعلمت أن أخاك ... ليث فوق لبده
ولو أكثرنا من أخبار عمر ولطال به الكتاب، لكنا اختصرنا. وفيما أتينا به كفاية دليل على ما كان ما ذكرنا وأخبار عمرو.
وهو أحد فرسان العرب في الجاهلية، والفارس في الاسلام قيس بن هبيرة المكشوح المرادي، وهو الذي نيا.
وكانت أم قيس بن هبيرة بنت معدي يكرب، اخت عمرو. فأبصر قيس سيف عنرو معلقا في قبة له، وهو الصمصامة. فقال له قيس: يا خال ناولني الصمصامة لأنظر اليها. فناوله. فلما قبض عليها مصلتا، وكان قيس من أقتل الناس واشدهم اهتماما بذلك.
قال، فقال: يا خال ما ظنك بالصمصامة في كف ابن اختك؟ قال: صارم بكف كريم.
قال: صارم بكف كريم.
قال قيس: لولا حسن جوابك، وخق الرحم لضربت الغداة منك ما أخذوا. ولكن شم سيفك ولا تمكن منه أحدا بعدي.
فلما قبض عمرو على قائم السيف مصلتا. قال: اجل لولا انك ضيف لعلمت أن خالك لا يقيل العثرة، إذا امكنته القدرة، ولولا ان لك حقا وذماما وان فتكي بك علي حرام لعلمت، فلا تعودون لوعيد رجل ابدا حتى تعرفه، فإن في الرجال من لا يعاف الخنا ويمنع الحمى.
فانصرف قيس من عنده، فلقي عبد الله بن المدان، وتناقلا الأشعار. فقال قيس:
ألم ترني صباح بني زبيد ... من الخيل الهوادي
ارد الخيل دامية كلاهما ... مرفض الصعادي
بضرب يخرج المسمار منه ... المرادي
وخيلك بالدماء مخضبات كالأسد العوادي
فما الصكم حين ولكن ... منيتم بالقبائل من مرادي
فنعم فوارس الهيجاء منكم ... غداة الروع إذا هتف المنادي
لولا صبركم ما آب منكم ... إلى الاحباب قاطع بطن وادي
فأجابه عمرو:
تمناني ليلقاني قيس ... وددت واين ما منىَّ ودادي
وسيف لاين العصيان عندي ... تخيره الفتى من عهد عاد
تمناني وسانعتي ولاحي ... تمور فضولها تحت النجاد
وعلجزة يزل اللبد عنها ... مسومة من الدهم الجياد
فلولا قيتني للقيت قرنا ... وصرح شخص قلبك عن فؤادي
وخيل تحمل الأبطال شعث ... تباري في العجاجة للطرادِ
مسومة تخب عن وجاها ... إذا ما النقع ثار لدى الجلاد
وزعت رعيلها بالرمح شزرا ... على زبد كسرحات الوهاد
اريد حياته ويريد قتلي ... من صينك من مرادي
ولهم نقائض كثيرة.
[٣ - عمرو بن مامة " ابو المنذر "]
كان من حديث قيس وقتله الملك عمرو بن اللخمي. ما رواه ابن حارث بن عبد الله بن خلف وهو ابو المنذر: خرج من الحيرة مراغما لأخيه عمرو بن هند، أفصاه ولم يدنه، وفضل عليه إخوته لابيه وأمه، فخرج مراغما من عماله. وسار في جمع عظيم حتى نزل أرض قيس، فأخذ مرباعها ورهائنها، وسار حتى نزل بأحياء من أحياء العرب كثيرة يفعل بهم ذلك حتى انتهى إلى مدجح.
قالت له امه: انك وردت على أقتل حي من العرب، فابعث إلى نفر منهم فإن أتوك فقد أمنتهم، وإلا كنت منهم على حذر. فبعث إلى رؤوس مدجح فاجتمعت منهم عمرو بن معدي كرب، وقيس بن هبيرة، والمأمون بن الحارث بن معاوية الحارثي، وعبد الدان الديان، وشراحيل بن الأصهب الجعفي فقال لهم قيس بن هبيرة: أيما أحب إليكم ان تسيروا وانا اكفيكم أو أسير وتكفوني. قالوا: بل نسير وتكفينا. قال: فسيروا فإن سأل عني فقولوا: به الكشح.
فساروا حتى دخلوا على عمر بن مامة، وهو ابن المنذر. فقال لهم أين قيس؟ قالوا: به الكشح. فأخبر عمرو أمه بذلك. فقالت: قد تخلف عنك فارس القوم فابعث بطبيب يكويه، فإن وجد للكي وجعا فليس هو بمكشوح، وإن لم يجد له وجعا فهو مكشوح.