وكان عبد الله ذا رأي وفهم ولسان وجرأة وإقدام في الحرب. وهو الذي لما أرسل علي بن أبي طالب، صعصعة بن صوحان، إلى الخوارج، كان هو المخاطب لصعصعة في كلام طويل. ثم قال لصعصة: أبلغ صاحبك انا غير راجعين عنه، أو يقرّ لله بكفره، ويخرج من دينه، فإن الله قابل التوب، وغافر الذنب، فإذا فعل ذلك بذلنا له دونه المهج. فقال له صعصعة: عند الصباح يحمد القوم السُّرى.
[عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد]
فأما عبد الله بن مالك بن نصر بن الازد، فولد رجلا، وهو كعب بن عبد الله، وولد كعب رجلين هما: الحارث بن كعب، وأراش بن كعب، فهم قليل، وهم بالحجاز.
وأما الحارث بن كعب بن عبد الله، فولد رجلين: كعب بن الحارث ونبيشة بن الحارث، واسمه ماسخة بن الحارث. ونبيشة ولد رجلين هما: عز بن نبيشة، وشديق بن نبيشة، وهو ماسخة بن ماسخة. فولد عز بن نبيشة: وزارة بن عز. وإزارة بالكوفة والرّي. وفي نسخة وزارة بالسراة. واسم زارة عامر بن عزر، وازارة أمهم وزارة الأجمة. والعزر: التكسر في الجلد، والجمع عزور، والعزر: آثار الطي في الثوب، وهو بكسرة. واشترى أعرابي ثوبا، فلما أراد أن يأخذه، قال للتاجر اطوه على عزره، أي على كسره.
ومن رجالهم بالكوفة زهير بن ناجد، أحد الأشراف بالكوفة، عدادهم في غامد. وأما شديق، وهم ماسخة، فهم بالحجاز. وأليهم نبت القسيّ الماسخة زوهي العربية، وهو أول من يراها. قال الشاعر:
شرعت قسي الماسخي رحالنا ... بسهام يثرب أم سهام الصاوي
المسخ: تحويلك الشيء عن حليته نوفرس ممسوخ العجز، إذا كان مطمئن العجز، وهو عيب الورد، إذا انحل، وطعام مسيخ، تهم الطعام.
قال الشاعر:
وأنت مسيخ كلحم الحوار ... فلا أنت حلو ولا أنت مر
وولد كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن مالك بن نصر بن الازد، خمسة نفر: زهران بن كعب، وأحجن بن كعب، وعبد الله بن كعب، وعمرو بن كعب، ومالك بن كعب.
[أحجن بن كعب]
فأما أحجن بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر. واشتقاقه من الأذن الحجنا، وهي المرجعة طرفها إلى القفا. وكل شيء عطفته فقد حجنته. وبه سمي المحجن، وهو الغطا المعطوف رأسها.
واحتجن فلان حدا، أي عطفه إلى نفسه. والحجون بمكة معروف. وفي الحديث: استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر بمحجن في يده. والجمع: المحاجن.
وقوله أربعة رهط، فهم: أسلم، ولهب، وغالب، وعامر بني أحجن. فأما لهب بن عبد الله بن أحجن بن كعب، فمن ولده بنو لهب العافة، وهم أعيف العرب، وأزجرهم بالطيرة، وفيهم العيافة إلى اليوم.
وفيهم يقول كثيّر عزة نحين سئل بعضهم عن شيء في طريقه مقدم:
تيممت شيخا فيهم ذا أمانة ... بصير بزجر الطير منحني الصلب
تيممت لهبا أبتغي العلم عندهم ... وقد رد علم العايفين على لهب
فقال حرى الطير السنيح بينهما ... فدونك اسبلي خد منهر السكب
ولا تكن ماتت فقد حال دونها ... سواك حليل باطن من بني كعب
السانح: ما جاء عن يمينك، وأراد شمالك. والبارح: خلاف ذلك. والقعيد: ما أتى من ورائك. واللهيب: الشعب الضيق في أعلى الجبل، والجمع الهاب ولهوب. قال الشاعر: " في هضبة دونها لهوب ".
ولهب النار معروف، ولهيبها والتهابها سواء. وفرس ملهب في عدوه، ولهبان اسم من هذا اشتقاقه.
[٥ - أنساب غامد]
واشتقاق اسمائهم ورجالهم قال ابن الكلبي: فأما غامد، واسمه عامر بن عبد الله بن كعب بن الحارث بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد. وانما سمي غامد لأنه وقع بين عشيرته شر، فتغمد دونهم، أي غطاها وسترها. ومنه الغمد.
وقال ابن الكلبي: سماه بهذا الاسم، قيل من أقيال حمير، وينشد بيت لغامد يحتج به:
تلافيت شرا كان بين عشيرتي ... فسماني القيل الحصوري غامدا
وغمدت ليلتنا، إذا أظلمت. قال الراجز:
وليلة غامدة غمودا ... ظلما تغشى النجم والفرقودا
يريد منت الفرقد. يقال غمدت السيف، وأغمدته، لغتان. وبرك الغماد موضح.