للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال فلما اصبح ابرهة وتهيأ لدخول مكة وعبأ الجيش وقدم الفيل اقبل نفيل بن حبيب الخثعمي فأخذ باذن الفيل وهو يقول: ابرك محمودا أو ارجع راشدا من حيث اتيت: فأنك في حرم الله. فبرك الفيل ولم يتحرك، وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل وضربوا الفيل فقام، فوجهوه إلى البيت فبرك، فوجهوه إلى المغرب فارفل، فوجهو إلى البيت فبرك. فصاح انيس سايس الفيل: ايها الملك، نفيل سحر الفيل. قال اطلبوه. فجعلوا يصيحون يا نفيل يا نفيل وارسل الله عليهم طيرا ابابيل فاقبل كأمثال الخطاطيف، مع كل طير ثلاثة احجار في كفيه وفي منقاره امثال الحمص، فلما غشيت القوم ارسلت عليهم ما معها من الحجارة، فلم تصب الحجارة الا السودان، كانت تصيب الاسوديين الابيضين والاسودين بينهما الابيض.

قال عبيد بن شريه: اخبرني رجل: اصيب اسودان وانا بينهما، فنظرت اليهما تقع الحجر على اليافوخ فتمر في جوفه إلى الدابة فتنفذ إلى الارض، فلا يرى شيئا - وجعلوا يبتدرون الطريق يسألون عن نفيل، فأنشأ نفيل يقول عند ذلك شعرا:

الا حييت عنا يا رُدَيْنا ... نِعمناكم مع الاصباح عَينا

رُدينة لو رأيت ولن تريه ... لذي جَنْبِ المُحَصَّبِ ما رأينا

إذا لعذرتني وحمدت امري ... ولم تاسي على ما فات بينا

حمدت الله اذ عانيت طيرا ... وخِفتُ حجارة تُلقى علينا

وكل القوم يسأل عن نفيل ... كأن علىَّ للأحبوش دينا

قال فخرجوا يتساقطون في كل طريق، فأصيب أبرهة أيضا، فخرجوا متوجهين إلى صنعاء، فجعلت تسقط أنامله، كلما سقطت أصبع تبعها دو وقيح، حتى قدموا صنعاء وهو مثل الفرخ، فانصدع قلبه فمات، فمَلَّكت الحبشةُ على الجيش يكسوم بن أبرهة، فلم يلبث أن هلك، فقام مقامه مسروق بن أبرهة.

خروج ابن ذي يَزَن إلى كِسْرَى يستنصره إلى اليمن

<<  <   >  >>