ومن بني عبد الله بن عَنْس بن مذحج لَمِيسُ بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن عَنْس. ومن بني مالك من عنس صَعْب بن مالك بن من بني عَنْس الأسود العَنْسي الكذَّاب الذي تَنَبأ باليمن، واسمه عَبْهَلةُ بن كَعْب بن عوف وفي نسخة: عوف بن كعب بن الحارث بن عمرو بن بن سعد بن عنس. وسمي الأسود لأنه كان أسود الوجه. وكان قد تَكَهَّن النبّوة فاتبعته عنس وغيرها، وسمي نفسه رَحْمن اليمن، كما سَمْى مُسَيْلَمة من اليمامة. وهو ذو الحِمار، وذلك أنه كان له حمار معلم، يقول له: لربك. فيسجد، ويقول له أبرك. فيبرك، فسمى ذا الحمار. ورواه: ذو الخِمار - بالخاء المعجمة، وذلك أنه كان مُخْتَمِراً مُعْتَماً أبداً وجهه، وكان الأسود هذا قد تَجَبَّرَ بصنعاء. واستذل الأبناء، وهم بقيةُ الذين وجَّهَهَم كِسْرَى إلى اليمن مع سيف بن ذي يزن الحِمَيَري، وكان وهرز. والأبناء من بقية أولئك، فاستخدم الأسود العَنْسِيَّ وأضَرَّبِهم،، وتزوج ابنته المَرْزُبانة، وكان باذام مِلَكهم، وكان عامل ابرَويز عليهم، أبا مسلمة الخولاني وسأله أن يشهد أنه رسول الله، فلم يفعل، فأجج له وألقاه فيها، فلم تضره. فقيل له: انفه عن بلادك، وإلا أفسد عليك ما أنت عليه. فأمره أن يخرج من بلاده، فأتى إلى المدينة، فلما بلغت أخباره النبي وجه قيس بن هُبَيْرة المكشوح المُرادِي لقتاله، وبعث معه فَرْوة ابن مِسَّيك ثم المُرَادي، أحد بني غُطَيْف، وأمره باستمالة الأبناء. فلما صار قيسٌ بلغه وفاةُ النبي صلى الله عليه وسلم، فأظهر قَيْسٌ للأسود أنه على رأيه حتى خَلَّى بينه وبين صنعاء فدخلها ومن معه من مذحج وهمدان وغيرهم، واستماب الأبناء، وبروز بن الديلمي، ويقال: إن الأسود لما قتل باذام رأس الأبناء أقرّ بعده يُسَمّى دَيْدُونهْ، فأسلم دَيْدُونه، وبقي قيس بن ذي الحرة البختري، وثّبَّت دَيْدُونه دعاته في الأبناء فأسْلَموا، وتصافق هؤلاء كلُّهم على قتل واغتياله، ودَسُّوا إلى المَرْزُبانة امرأته من أعلمها الذي همّ عليه، وكانت مبغضة لرؤيته حَنِقة عليه، لقتله أباها باذام، فدلتهم على جَدْول يَدْخل الماء. فدخلوا عليه بسَحر، ويقال: بل ثَقَبوا عليه جدار بيته ومعهم قيس بن هبيرة المكشوح، فدخلوا عليه بسحر - ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم قبل وفاته: قد قتل الله الأسود الكذَّاب، قتلة الرجل الصالح فَيْروز الديلمي، وفي ذلك يقول فَيْروز:
أبرمت امري وقتلت عيهلة ... حتى تحملنا إليه العيهلة
ينتظر الرسول والقتيل ارسله فجعل الأسود حين ذبح يخور خوار الثور حتى افزع حرسه، فقالوا للمرزبانه: ما شأن رحمن اليمن قالت ان الوحي ينزل عليه فأمسكوا عند قولها وسكنوا واخبر قيس اصحابه فاحتزوا رأسه ثم علو رأس المدينة حتى اصبعوا فقالوا: نشهد ان لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الأسود الكذاب عدو الله فأجتمع اصحاب الاسود فألقى اليهم رأسه فتفرقوا غلا قليلا مخرج اصحاب قيس ففتحوا الباب ووضعوا في بقية أصحاب الاسود السيف فلم يبق الا من اسلم منهم وجيء رأسه إلى المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ووثب قيس على ديدونه فقتله غيله وقال يستميل عنسا:
قد عَلِمَ الأحياءُ من مَذْحج ... ما قتل الأسودَ إلا أنا
طلبتُ ثأراً كان لي عنده ... بقتلي الأسود مستمكنا
ثأرت عنسا وبني عامر ... وكنت لَمَّا أن أسَوْا مُحْسِنا