لقول رسول الله صلوا جميعكم ... عليه لتلقوا في الجنان ثوابها
فان بها ايصال ما الله آمر ... بايصاله فاسعوا وروموا طلابها
ومثل قول الآخر:
يا طلباً لفنون العلم مجتهداً ... أقصد هديت إلى رشد وايمان
ان كنت ذا فطن فيما تحاوله ... من السمو إلى أعلى ذرى الشان
فكن لقول رسول الله متبعا ... ترق العلا وتباهي كل انسان
تعلموا نسب الأقوام ان به ... صلات أرحامكم فزتم برضوان
فأول ما أبتديء بذكره في هذا الكتاب ذكر شيء من مبتدأ الخلق والملائكة عليهم السلام، وغير ذلك مما بدأت بذكره في هذا الكتاب، مع قصة آدم وولده إلى ذكر نوح عليه السلام، وأمر ولده، وما كان من شأنهم ثم أتبعت ذلك بذكر أنساب العرب والقبائل، وما حشوتها من الأخبار وشواهد الأشعار، والى الله من كل ذنب أتوب، واياه أسأل الغفران للذنوب، وأعوذ به من الحمية والعصبية وأخلاق الجاهلية، وهو المرفق لما يحبه ويرضاه.
[" ذكر مبتدأ الخلق "]
قال محمد بن أسحاق باسناده عن ابن عباس قال: لما أراد الله تبارك وتعالى أن يخلق سماء " وأرضا " خلق الله الريح فسلطها على الماء، فضربته موجا وزبدا " ودخانا. فقال للزبد: اجمد فلما جمد جعله أرضا، قال وللموج: اجمد. فلما جمد جعله جبالا. وقال للدخان: اجمد. فلما جمد جعله سماء ".
روى الأموي باسناده عن مجاهد: أن موضع البيت كان زبدة بيضاء على وجه الماء قبل أن يخلق الله السماء والأرض بألفي عام.
وروى عمرو بن دينار: وعطاء أنهما قالا: كانت الأرض ماء، فبعث الله الريح فصفقت الماء فابرزت في موضع البيت عن حشفة بيضاء أو سوداء كأنها القَّبة، فمدت الأرض من تحتها؟ فلذلك هي أم القرى، ثم وتَّدها بالجبال لئلا تتكفئ.
وروى ابن إسحاق، عن بُشَيْر، عن الضحاك أنه قال: خلق الله عز وجل السموات في يومين، والأوقات في يومين، فذلك قوله:) وهو اّلذِي خَلَقَ السَّمَواتِ والأّرضَ في سِتَّةِ أَيَّامِ ثَمّ أَسْتَوَى عَلَى العّرْشِ (.
عن صالح بن محمد الترمذي قال: حدثنا محمد بن مروان، عن مجاهد قال: خلق الله تبارك وتعالى السموات ِ والأرضَ في ستة أيام من أيام الآخرة، طول كل يوم منها كألف سنى من أيام الدنيا لا يمَسّه فيها لغوب. واللغوب الإعياء.
وعن الحسن قال: خلق الله السموات والأرض في ستة أيام من أيام الدنيا: ابتدأ الخلق يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خلق التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد: وخلق فيها الشجر يوم الأثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق الأنعام وما شاء من خلقه يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، ونفخ في آدم الروح وسوّى خلقه وجمعه يوم الجمعة. فسميت الجمعة.
وعن ابن اسحاق قال: كان أول ما خلق الله تبارك وتعالى النورَ والظَّلمة. ثم مَيَّزَ بينها فجعل الظلمة لَيْلاً أسْوَد مظلما وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا وبإسنادٍ من عبد الله بن سلام أنه قال: إن الله بدأ الخلق يوم الأحد: فخلق الأرضين في الأحد والأثنين. وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء، وخلق السموات في الخميس والجمعة. وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة فخلق فيها آدم، فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة.
وبإسناد عن ابن عباس وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: خلق الله تبارك وتعالى سبع أرضين في يومين في الأحد والأثنين، وجعل لها رواسي أن تَمِيد بِكُم، وخلق الجبال وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يوم الثلاثاء واربعاء: ثم استوى إلى السماء وهي دخان فجعلها سماء واحدة، ثم فَتَقَها فجعلها سبع سموات في يومين، الخميس والجمعة ففي قول هؤلاء خلقت الأرض قبل السماء.