ومن معافر أبو قبيل الفقيه، واسمه حي بن هانيء، ومن معافر بطن يقال لهم الحيل، منهم أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن يزيد الحيلي، وقد دخل جمهور المعافر نسب حمير.
أما بنو كسع بن مر فهم رماة العرب. وفيهم يقول الشاعر:
قدم قدوم صلبها مباركا ... من آل مر مجدنا مداعكا
ومن ولد كسع بن مر الكسعي الذي يضرب به المثل في الندم. وقال ابن اسحاق، بل هو من بني كسعة بن محارب بن قيس. وقال الاصمعي انما سمي الكسعي انه كسر قوسه، وقد نظر إلى الأُتُن صرعى، والى القوس مكسورة، جعل يكسع اسبه فسمي الكسعي.
وكان من خبره انه كان يرعى ابلا له بواد كثير العشب والخمط، فبينما هو كذلك إذ ابصر نبعة في صخرة فأعجبته، فقال: بليغي لهذه النبعة إن تكون قوسا، فجعل يتعاهدها كل يوم، ويرفيها، حتى إذا ادركت قطعها، وجففها فلما جفت نحت منها قوسا، وانشأ يقول شعرا:
يارب وقفني لنحت قوسي ... فانها من لدني لنفسي
وانفع بقوسي ولدي وعرسي ... انحتها صفر الكون الورس
صلد اليست كقسي النكس
ثم ذهب واخطمها بوتر، ثم عهد إلى مكان من مراثيها فجعل منها خمسة اسهم وجعل يقلبها في كفه، وهو يقول:
هن وربي اسهم حسان ... يلذ للرامي بها البنان
كأنما قوامها ميزان ... فابشروا بالخصب يا صبيان
إن لم يعقني الشؤم والحرمان
ثم خرج إلى مورد من موارد الوحش، فكمن فيها، فلم جنه الليل مر به قطيع من الحمر فرمى عيرا فأصابه، وانتظمه السهم، فأجازه واصاب حجرا فأودي نارا، فظن انه أخطأ. فأنشأ يقول:
أعوذ بالله الواحد الرحمن ... من نكد الجد ومن الحرمان
مالي رأيت السهم في الصوان ... يوري شرارا في ضبا العقيان
فاخلف اليوم رجا الصبيان
ثم مكث على حالته فمر به قطيع آخر فرمى عيرا منه فانتظمه السهم وصنع كصنع الاول وانشأ يقول:
يا اسفا للشؤم والجد والنكد ... في قوس صدق لم تعرين ياود
اخلف ما ارجو لاهل وولد ... فيها ولا يغني الحذار والجلد
فخاب ظن الاهل فيها والولد ... وخانني السهم بضرب في الصلد
ثم مكث ساعة فمر به قطيع آخر فرمى عيرا فانتظمه السهم، وصنع كصنع الاول وانشأ يقول:
ما بال سهمي يوقد الحباحبا ... قد كنت ارجو إن يكون صائبا
وامكن البعير وأودى خائبا ... فصار ظني فيه كاذبا
اظل منه في اكتئاب دائبا
ثم صبر مكانه فمر به قطيع آخر فرمى عيرا فانتظمه السهم وصنع كصنيعة الاول. وانشأ يقول:
لا بارك الرحمن في السهم مر ... اعوذ بالقادر من شر القدر
افحظ السهم لارهاق الضرر ... ام ذاك من سوء احتيال وبصر
ام ليس يغني حذر عن قدر
ثم مكث مكانه فمر به قطيع آخر فرمى عيرا فانتظمه السهم، وصنع كصنيعة الاول، وأنشأ يقول:
أبعد خمس قد حفظت عدها ... أحمد قوسي واريد ردها
اخزى الاله لينها وشدها ... والله لا تسلم مني بعدها
ولا ارجي ما حييت رفدها
ثم عمد إلى قوسه فضرب به الحجر حتى كسرها، ثم غلبته عينه، فنام، فلما اصبح نظر فأذا بالحمر مطروحة حوله مصرعة واسهمه بالدماء مضرجة، فندم على كسر قوسه. فشد على ابهامه فقطعها. ثم انشد يقول:
ندمت ندامة لو إن نفسي ... تطاوعني إذا لقطعت خمسي
تبين لي سفاه الرأي مني ... لعمر ابيك حين كسرت قوسي
فضربت العرب به المثل فيمن ندم على شيء عمله.
قال الفرزدق حين طلق امرأته نوار:
ندمت ندامة الكسعي لما ... غدت مني مطلقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الفرار
وقال الراجز:
ندمت ندامة الكسعي لما ... رأت عيناه ما صنعت يداه
[٦ - اسباب اغتصاب الاحباش ملك اليمن]
وأما ما ذكرت، من ارض اليمن، ما كان من توطئة لها مملكتها فانما جدك، انما ثب اليها سيف بن ذي يزن، حين اتاه مستنصرا على الجيش حين اتاه.