للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخرون: خلق الله تبارك وتعالى الأرض قبل السماء بأقواتها من غير أن يَدْحُوَها، ثم أستوى إلى السماء فسَوَّاهن سبع سموات ثم دحا الأرضَ بعد ذلك، وهذا قوله عز وجل) والأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، أخْرَجَ مِنَها مَاءَهَا ومَرْعَاهَا والجِبَالَ أرْسَاهَا (قالوا يعني أنه خلق السموات والأرض. فلما فرغ من السماء قبل أن يخلق الأقوات بث أقوات الأرض فيها بعد خلق السموات، وأرسى الجبال، يعني بذلك دَحْوَها. هكذا وجدتُ في بعض الكتب والله أعلم.

وقالت اليهود والنصارى: بل ابتدأ الله الخلق يوم الأثنين، وكان الفراغ يوم الأحد.

محمد بن مروان قال: حدثني أشْعَث، عن سِوَار، عن الحسن قال: خلق الله سبع سموات طِبَاٌاً. بعضهن فوق بعض. كل سماء مطبقة على الأخرى مثل القبة، والسماء الدنيا على الأرض مثل القبة ملتزق منها أطرافها. وهو موج مكفوف. وأجرى النارَ على الماء فبخر الماء فجعل الموج منه، وخلق السموات منه. قال ابن عباس السماء موج مكفوف ودونها حجاب - وخلق نار السموم بين السماء الدنيا وبين الحجاب والشمس والقمر والنجوم في ذلك الموج يدور به الفلك وخلق الملائكة من نور النار ثم جعلهم عُمَّار السماء: في كل سماء ملائكة، وما فيها موضع إلا وفيه مَلْكُّ ساجد أو قائم أو راكع. وجعل الجن سكان الأرض، وهم بنو الجان. خلقه من نار. قال الله في كتابه) وَخَلَقَ الجَانَّ مِنْ مَارِجِ مِنْ نَّار (يعني كان لجهنم سَمْوم وكان لسمومها نار، وهي نار ليس لها دخان بين السماء الدنيا والحجاب، منها تكون الصواعق. فإذا أراد الله أن يحدث في خلقه ما يشاء خَرَقَ ذلك الحجاب فهَوَتْ إلى الأرض إلى حيث أمرَّ الله. والهدهْ التي يسمعها الناس من خرق الحجاب، وهي كلَّة رقيقه لا ترى الشمس إلا من ورائها. فذلك قوله تعالى) والجانْ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُوم (تعني من قبل آدم والجان هو أبو الجن.

[" ذكر شيء من أخبار الملائكة "]

سُمَّيَت الملائكةُ ملائكةً لتبليغها رسائل الله تعالى إلى أنبيائه صلوات الله عليهم، أخْذاً من الألُوكَهَ وهي الرسالة، ويقال لهم الملائك بغير هاء. وقال حسان بن ثابت:

بأيدي رجاب هَاجَرُوا نحوَ رَبِّهم ... وأنصارِه أيضا وأيْدِي الملائِك

وفيهم لغاتً في تَسْمِيتهم، يقال مَلك. بسكون اللام. وملك بتحريكها وفتحها ومَلأك بسكون اللام وبالهمزة. وقيل إن الله تَبَارَك وتعالى خَلَقَ الملائكة من الرِّيح، وقال الحسن: خلقهم من نُور، وخلق الجانَّ مِن نار. والملائكة الذين يحضرون لقبض أرواح الكفار يتصورون في أقبح صورة، وكذلك صورة منكر ونكير. وقد جاء في الخبر: أن من الملائِكة. مَنْ هو في صورة الرِّجال، ومنهم من هو في صورة الثِّيَران، ومنهم من هو في صورة السنّور، ويدل على ذلك تصديق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين لأَمَيَّةَ بن أبي الصَّلْت في قوله:

زُحَلٌ وَثْورٌ تحت رِجلِ يَمِينِه ... والنَّسْر للأُخْزَى ولَيْتٌ مرْصَد

وقد تَصَوَّر جِبْرِيلُ عليه السلام في صورة دِحْيَة بن خليفة الكَلْبَي، وتصوّر الملائكة الذين أتوا مَرْيَم، وإبراهيم، ولوط، وداود عليهم ونبينا افضل الصلاة والسلام في صورة الآدَمِّييِن.

[" أخبار إبليس لعنه الله "]

صالِح قال، حدثنا عبد الحميد بن عبد العزيز قال، بلغنا عن ابن عباس قال: كان إبْليس لَعَنهُ الله. من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلهً، وكان خازنا على الجنان. وكان قد أعْطِى سُلْطَانَ سَمَاءِ الدُّنْياَ، وسلطان الأرض، وكان مما سوَّلَتْ لَهُ نَفْسُه. أي زينت. بعد قضاء الله أن رأى أنَّ له في ذلك شرفاً وعَظَمَةً على أهل السماء، فدخله. كبْرٌ لا يعلمه إلا الله، فأبْتَلاهْ بالسُّجُودِ لآدم، فأعْلَنَ كِبْرَه، فلعنه الله ودَحَرَه أي طرده. وجعله شيطاناً مَرِيدا.

صالح، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: إن الله تبارك وتعالى خَلَق كُلَّ شيءٍ قَبْل الإنسان، فجعل الملائكة هم عُمَّارَ السموات، ولكل أهل سماء صلاة ودعاء وتسبيح، ولكل أهل سماء عبادة أهونُ من الذين فوقها والذين فوق أشدّ عبادة وأكثر صلاة وتسبيحاً من الذين تحتهم.

<<  <   >  >>